للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا كان تسامحه مع بعض المنافقين فقد تحمل المنافق عبد الله بن أُبي ابن سلول قصة الإفك ومع ذلك فقد عفا عنه - صلى الله عليه وسلم - (١) بل حينما مات عبد الله بن أُبي غطّاه بقميصه واستغفر له حتى نزل قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: ٨٠].

كما عفا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي بينما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم فقال له: اعدل يا رسول الله، فقال: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ قال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنقه، قال: "دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في قذذه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر نضيّه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل إحدى يديه - أو قال ثدييه - مثل ثدي المرأة، أو قال مثل البضعة تدردر، يخرجون على حين فرقة من الناس"، قال أبو سعيد: أشهد سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأشهد أن عليًّا قتلهم وأنا معه، جيء بالرجل على النعت الذي نعته النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فنزلت فيه (٢).

إنها غاية السماحة إذ لم ينتصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه بل عفا عنه.

١٦ - كما له مواقف أخرى مع المشركين فعن عبد الله بن مغفل المزني، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله، وكأني بغصن من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرفعته عن ظهره، وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم" فأخذ سهيل يده فقال: ما نعرف الرحمن الرحيم، اكتب في قضيتنا ما نعرف، فقال: "اكتب باسمك اللهم، هذا ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة"، فأمسك بيده فقال: لقد ظلمناك إن كنت رسولًا، اكتب في قضيتنا ما


(١) البخاري (٤٥٦٦).
(٢) البخاري (٦٩٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>