للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتظاره الفرج من ربه - عز وجل - صلوات الله وسلامه عليه دائمًا إلى يوم الدين. (١)

٦ - وقال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٤٠)} [الأحزاب: ٤٠].

المعنى: يقول تعالى ذكره: ما كان أيها الناس محمدًا أبا زيد بن حارثة، ولا أبا أحدٍ من رجالكم الذين لم يلده محمد؛ فيحرم عليه نكاح زوجته بعد فراقه إياها، ولكنه رسول الله وخاتم النبيين، الذي ختم النبوة فطبع عليها، فلا تفتح لأحد بعده إلى قيام الساعة، وكان الله بكل شيء من أعمالكم ومقالكم وغير ذلك ذا علم لا يخفى عليه شيء. (٢)

لما نفى كونه أبًا عقَّبه بما يدل على ثبوت ما هو في حكم الأبوة من بعض الوجوه فقال: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} فإن رسول الله كالأب للأمة في الشفقة من جانبه، وفي التعظيم من طرفهم؛ بل أقوى فإن النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، والأب ليس كذلك، ثم بين ما يفيد زيادة الشفقة من جانبه والتعظيم من جهتهم بقوله: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} وذلك لأن النبي الذي يكون بعده نبي إن ترك شيئًا من النصيحة والبيان يستدركه من يأتي بعده، وأما من لا نبي بعده يكون أشفق على أمته وأهدى لهم وأجدى؛ إذ هو كوالد لولده الذي ليس له غيره من أحد. (٣)

٧ - وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ} [الفتح: ٢٩].

المعنى: ذلك المرسَل بالهدى ودين الحق هو محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يخبر تعالى عن محمد


(١) تفسير ابن كثير ٦/ ٣٩١، والنكت والعيون ٣/ ٣٦٧.
(٢) تفسير الطبري ٢٠/ ٢٧٨، والنكت والعيون ٣/ ٣٨١، وابن عجيبة ٥/ ٩٥.
(٣) تفسير الرازي ١٢/ ٣٥٧، والكشاف ٥/ ٣٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>