للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلوات الله عليه أنه رسوله حقًا بلا شك ولا ريب. (١)

٨ - {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف: ٦].

المعنى: بَشَّرَ كلُّ نبيٍّ قومَه بنَبِيِّنا - صلى الله عليه وسلم -، وأفرد الله - سبحانه - عيسى بالذِّكْرِ في هذا الموضع؛ لأنه آخِرُ نبيٍّ قبل نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -: فبيَّن بذلك أن البشارة به عَمّتْ جميعَ الأنبياء واحدًا بعد واحد حتى انتهت بعيسى - عليه السلام -.

فعيسى عليه الصلاة والسلام - كالأنبياء - يصدق بالنبي السابق، ويبشر بالنبي اللاحق، بخلاف الكذابين، فإنهم يناقضون الأنبياء أشد مناقضة، ويخالفونهم في الأوصاف والأخلاق، والأمر والنهي {فَلَمَّا جَاءَهُمْ} - صلى الله عليه وسلم - الذي بشر به عيسى (بِالْبَيِّنَاتِ) أي: الأدلة الواضحة، الدالة على أنه هو، وأنه رسول الله حقًا. قَالُوا معاندين للحق مكذبين له {هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} وهذا من أعجب العجائب، الرسول الذي قد وضحت رسالته، وصارت أبين من شمس النهار، يُجعل ساحرًا بينًا سحره، فهل في الخذلان أعظم من هذا؟ وهل في الافتراء أعظم من هذا الافتراء، الذي نفى عنه ما كان معلومًا من رسالته، وأثبت له ما كان أبعد الناس منه؟ (٢)

٩ - {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: ١١٩].

المعنى: يَقُولُ الله تَعَالَى لِنَبيِّه - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالشَّيءِ الثَّابِتِ الحَقِّ لِتُبَشِّرَ بِهِ مَنْ أَطَاعَ، وَتُنْذِرَ بِهِ مَنْ عَصَى وَاسْتَكْبَرَ". (٣)


(١) تفسير ابن عجيبة ٦/ ٩٧، وابن كثير ٧/ ٣٦٠.
(٢) تفسير القشيري ٧/ ٤٢١، والسعدي ١/ ٨٥٩.
(٣) تفسير حومد ١/ ١٢٦، والنكت والعيون ١/ ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>