للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانظر كيف نقل محمد - صلى الله عليه وسلم - البشر من أحطّ الدركات إلى أعلى الدرجات.

وبهذه النظرة الإيجابية إلى الكون والإنسان، فتح المسلم أقفال الكون بالتجربة والمشاهدة، يدفعه في ذلك عقيدة أن الكون كله للإنسان، وعليه أن يستفيد منه، ولئن وصلت الحضارة الغربية اليوم إلى القمة في تسخير الكون، فذلك لأنها تأثرت بالحضارة الإسلامية، ولولا ذلك لما كان في أوروبا حضارة ولا علم وها هي بعض الأدلة على ذلك:

١ - في (١١: ١٢: ١٨٦٢) أصدر البابا أبيوس التاسع قرارًا جاء فيه: لا يمكننا قبول العقل بغزو المجال المخصص لشئون الإيمان ليزرع فيه الاضطراب. (١)

وهذا الكلام له جذور في أصل النصرانية في العهد الجديد؛ إذ يقول بولس في رسالته الأولى إلى كورنثوس "٢٧ بَلِ اخْتَارَ الله جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ". (١: ٢٧).

وقال أيضًا "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِي هذَا الدَّهْرِ، فَلْيَصِرْ جَاهِلًا لِكَيْ يَصِيرَ حَكِيمًا! ١٩ لأَنَّ حِكْمَةَ هذَا الْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ الله، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: "الآخِذُ الْحُكَمَاءَ بِمَكْرِهِمْ". ٢٠ وَأَيْضًا: "الرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ الْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ". (٢: ١٨ - ٢٠).

أين هذا من قول الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨].

والأقوال الكثيرة للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في الحث على طلب العلم، ومنها:

عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ الله بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ في السَّمَوَاتِ وَمَنْ في الأَرْضِ وَالْحِيتَانُ في جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ". (٢)


(١) محاصرة وإبادة، زينب عبد العزيز صـ ١٩٣.
(٢) رواه أبو داود (٣٦٤٣)، ابن ماجه (٢٢٣)، وقال الألباني: حسن لغيره/ صحيح الترغيب والترهيب (٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>