أبواب، وجاءت سبعة في مقابلة تلك الأبواب، وسبعة عقب كل نعمة ذكرها للثقلين. وقال غيره: نبه في سبع منها على ما خلقه الله للعباد من نعم الدنيا المختلفة على عدة أمهات النعم، وأفرد سبعًا منها للتخويف وإنذارًا على عدة أبواب المخوف منه، وفصل بين الأول والسبع الثواني بواحدة سوّى فيها بين الخلق كلهم فيما كتبه عليهم من الفناء حيث اتصلت بقوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦)} [الرحمن: ٢٦]، فكانت خمس عشرة أُتبعت بثمانية في وصف الجنان وأهلها على عدة أبوابها، ثم بثمانية أخر في وصف الجنتين اللتين من دون الأوليين لذلك أيضًا، فاستكملت إحدى وثلاثين.
ومن هذا النوع قوله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)} [المرسلات: ١٥]، فقد ذكرت في سورة المرسلات عشر مرات؛ لأنه سبحانه ذكر قصصًا مختلفة، وأتبع كل قصة بهذا القول، فصار كأنه قال عقب كل قصة: ويل للمكذبين بهذه القصة، وكل قصة مخالفة لصاحبتها، فأثبت الويل لمن كذب بها. ويحتمل أنه لما كان جزاء الحسنة بعشر أمثالها، جعل للكفار في مقابلة كل مثل من الثواب ويلًا.
ومنه قوله في سورة الشعراء: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨)} [الشعراء: ٦٧]، ومنه تكرار الإضراب. واعلم أن بل إذا ذكرت بعد كلام موجب فمعناها الإضراب، وهو إما أن يقع في كلام الخلق؛ ومعناه: إبطال ما سبق على طريق الغلط من المتكلم؛ وإما أن يقع في كلام الله تعالى وهو ضربان:
أحدهما: أن يكون ما فيها من الرد راجعًا إلى العباد، كقوله تعالى:{بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ}[الأنبياء: ٥].
والثاني: أن يكون إبطالًا، ولكنه على أنه قد انقضى وقته، وأن الذي بعده أولى بالذكر، كقوله تعالى:{بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ}[النمل: ٦٦]، و:{بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}[ص: ٨]، وزعم ابن مالك في شرح الكافية أن {بَلْ} حيث وقعت في القرآن، فإنها