للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التابعين أجمعت الخاصة والعامة على قراءته، وسلكوا فيها طريقه، وتمسكوا بمذهبه على ما رُوي عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وعروة بن الزبير ومحمد بن المنكدر وعمر بن عبد العزيز وعامر الشعبي، ثم ساق بإسناده عن هؤلاء بألفاظ متقاربة قولهم: قراءة القرآن سنة يأخذها الآخر عن الأول. وفي رواية: القراءة سنة فاقرءوا كما قرأ أولكم.

وقال ابن مجاهد - وهو يترجم للقراء السبعة الذين أجمعت الأمة على قبول قراءتهم ويبين مكانتهم -: على قراءة نافع اجتمع الناس بالمدينة العامة منهم والخاصة (١).

وكان الإمام الذي انتهت إليه القراءة بمكة وائتم به أهلها في عصره عبد الله بن كثير. (٢)

وأول من أقرأ بالكوفة القراءة التي جمع عثمان - رضي الله عنه - الناس عليها أبو عبد الرحمن السلمي، واسمه: عبد الله بن حبيب. فجلس في المسجد الأعظم ونصب نفسه لتعليم الناس القرآن، ولم يزل يقرئ بها أربعين سنة فيما ذكر (٣)، فلما مات أبو عبد الرحمن رحمه الله تعالى خلفه في موضعه أبو بكر عاصم بن أبي النجود (٤).

وكان عاصم مقدمًا في زمانه مشهورًا بالفصاحة معروفًا بالإتقان (٥).

ثم بيَّن ابن مجاهد العلة في عدم انتشار قراءة عاصم في زمانه فقال: وإلى قراءة عاصم صار بعض أهل الكوفة، وليست بالغالبة عليهم؛ لأن أضبط من أخذ عن عاصم أبو بكر بن عياش فيما يقال؛ لأنه تعلمها منه تعلما خمسًا خمسًا، وكان أهل الكوفة لا يأتمون في قراءة عاصم بأحد ممن يثبتونه في القراءة عليه إلا بأبي بكر بن عياش، وكان أبو بكر لا يكاد


(١) السبعة في القراءات (١/ ٦٢).
(٢) السابق (١/ ٦٤).
(٣) السابق (١/ ٦٧).
(٤) السابق (١/ ٦٩).
(٥) السابق (١/ ٧٠)، وإن كنا نجد من القراء كحفص من هو في عداد المجروحين عند المحدثين، ولكن تجريح حفص وعدم قبول هؤلاء القراء لجرح المحدثين لأكبر دليل علي عدم التفاتهم لهذا الأمر؛ بل وانتشار قراءة حفص في الآفاق - وهو ضعيف عند المحدثين - لأبلغ رد علي المحدثين بأن أصولهم لا تسير على معشر القراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>