للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - القراءة في كتب التفسير.

الوجه الخامس: قال الله تعالى {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} وقال الله تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} هذا الذي يسكن الأماكن النائية، ويحتج له على القرآن بأنه لا يفهم الحروف المقطعة.

وأقول: وهو أيضًا لا يفهم كثيرًا من الأحكام وكثيرًا من الآيات، فهل هذا عيب في الأحكام أو سائر الآيات؟ ! أم أنه يجب عليه أن يطلب العلم بوسائله المشروعة، وأيضًا فإنه يجهل كثيرًا من أمور دنياه ومن الحقائق العلمية ولا يستطيع تفسيرها ولا الوصول إليها. فهل هذا عيب على الحقائق العلمية؟ أم يقال: إن هؤلاء الناس يحتاجون إلى تعلم ودراسة ونحو ذلك. فالذي ينبغي على هؤلاء أن يطلبوا الحق ويقبلوه، وعلامة ذلك أن تكون قاعدتهم في القبول والرد لا على حسب الأهواء.

والرد على قولهم ماذا يفعل غير العرب؟

فجوابه في قول الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧)} أي سهلناه للحفاظ، وأعنا عليه من أراد حفظه، فهل من طالب علم لحفظه فيعان عليه أو هيأناه للذكر؟

وقال سعيد بن جبير: ليس من كتب الله كتابٌ يقرأ كله ظاهرًا إلا القرآن. . . فيسر الله تعالى على هذه الأمة حفظ كتابه ليذَّكَّروا ما فيه، أي يفتعلوا الذكر، والافتعال هو أن ينجع فيهم ذلك حتى يصير كالذات وكالتركيب فيهم. وقوله {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} قارئ يقرؤه، أو فهل من طالب خير وعلم فيعان عليه؟ (١).

فهذا تنويه بشأن القرآن، وأنه من عند الله، وأن الله يسره وسهله لتذكر الخلق بما تحتاجونه من التذكير مما هو هدي وإرشاد وهذا التيسير ينبئ بعناية الله تعالى به مثل قوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} تبصرة للمسلمين ليزدادوا إقبالًا على مدارسته وتعريضًا


(١) القرطبي (١١/ ١٣٠، ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>