فما خلص نفسه عيسى - عليه السلام - في هذا الوقت، وما نزل عن الصليب وإن عيره المجتازون، ورؤساء الكهنة، والكتبة، والشيوخ، واللصان. ورؤساء الكهنة، والكتبة، والشيوخ كانوا يقولون: إنه إن نزل عن الصليب نؤمن به، فكان عليه لدفع العار، ولإلزام الحجة أن ينزل مرة عن الصليب ثم يصعد .. ولكنهم لما كان مقصودهم العناد، والاستهزاء، ما أجابهم عيسى - عليه السلام -.
فطلب الكتبة والفريسيون معجزة، في أظهرها عيسى - عليه السلام - في هذا الوقت، وما أحالهم إلى معجزة صدرت عنه فيما قبل هذا السؤال؛ بل سبهم وأطلق عليهم لفظ الفاسق والشرير، ووعد بالمعجزة التي لم تصدر عنه؛ لأن قوله كما كان يونان في بطن الحوت الخ، غلط بلا شبهة كما علمت في الفصل الثالث من الباب الأول، وإن قطعنا النظر عن كونه غلطًا، فمطلق قيامه لم ير الكتبة، والفريسيون بأعينهم، ولو قام عيسى عليه السلام من الأموات، كان عليه أن يظهر نفسه على هؤلاء المنكرين الطالبين آية ليصير حجة عليهم، ووفاء بالوعد. وهو ما أظهر نفسه عليهم، ولا على اليهود الآخرين، ولو مرة واحدة، ولذلك لا يعتقدون هذا القيام؛ بل هم يقولون من ذاك العهد إلى هذا الحين، إن تلاميذه سرقوا جثته من القبر ليلًا.
(السادس) في الباب الرابع من إنجيل متى (٧: ٣): فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: "إِنْ كُنْتَ ابْنَ الله فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزًا". ٤ فَأَجَابَ وَقَالَ: "مَكْتُوبٌ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ