عليه إن ولدت غلامًا أن يجعله الخليفة من بعده، وأشهدت عليه خمسين من بني إسرائيل وكتبت عليه بذلك كتابًا، فما شعر بفتنته أنه فتن حتى ولدت سليمان وشب، فتسور المكان عليه المحراب فكان من شأنهما ما قص، وخر داود ساجدًّا، فغفر له وأناب وتاب عليه فطلقها وجفا سليمان وأبعده، فبينما هو في مسير له وهو في ناحية القوم إذ أتى على غلمان له يلعبون فجعلوا يقولون: يا لادين يا لادين، فوقف داود فقال:"ما شأن هذا يسمى لادين" فقال سليمان وهو في ناحية القوم: "أما أنه لو سألني عن هذه لأخبرته بأمره" فقيل لداود: إن سليمان قال كذا وكذا فدعاه وقال: "ما شأن هذا الغلام سمي لادين"؟ فقال:"سأعلم لك علم ذلك" فسأل سليمان عن أبيه: كيف كان أمره؟ فقيل: إن أباه كان في سفر له مع أصحاب له وكان كثير المال، فأرادوا قتله، فأوصاهم فقال: إني تركت امرأتي حبلى فإن ولدت غلامًا فقولوا لها تسميه لادين، فبعث سليمان إلى أصحابه فجاؤا فخلا بأحدهم فلم يزل حتى أقر وخلا بالآخرين فلم يزل بهم حتى أقروا كلهم، فرفعهم إلى داود فقتلهم فعطف عليه بعض العطف.
وكانت امرأة عابدة من بني إسرائيل وكانت تبتلت، وكانت لها جاريتان جميلتان، وقد تبتلت المرأة لا تريد الرجال، فقالت إحدى الجاريتين للأخرى: قد طال علينا هذا البلاء أما هذه فلا تريد الرجال ولا نزال بشر ما كنا لها، فلو أنا فضحناها فرجمت فصرنا إلى الرجال، فأخذتا ماء البيض، فأتتاها وهي ساجدة فكشفتا عنها ثوبها ونضحتا في دبرها ماء البيض، وصرختا إنها قد بغت، وكان من زنا منهم حده الرجم، فرفعت إلى داود - عليه السلام - وماء البيض في ثيابها فأراد رجمها فقال سليمان:"أما أنه لو سألني لأنبأته" فقيل لداود: إن سليمان قال كذا وكذا فدعاه فقال: "ما شأن هذه ما أمرها فقال ائتوني بنار؛ فإنه إن كان ماء الرجال تفرق وإن كان ماء البيض اجتمع، فأتي بنار فوضعها عليه فاجتمع، فدرأ عنها الرجم، وعطف عليه بعض العطف وأحبه.
ثم كان بعد ذلك أصحاب الحرث وأصحاب الشياه فقضى داود - عليه السلام - لأصحاب الحرث بالغنم فخرجوا وخرجت الرعاء معهم الكلاب فقال سليمان: "كيف قضى بينكم"؟ فأخبروه فقال: "لو وُليت أمرهم لقضيت بينهم بغير هذا القضاء" فقيل لداود: إن سليمان يقول كذا وكذا، فدعاه فقال: "كيف تقضي"؟ فقال: "ادفع الغنم إلى أصحاب الحرث هذا العام فيكون