الصفة السابعة: قوله: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} ومحال أن يكون المراد أنه تعالى شدد ملكه بأسباب الدنيا، بل المراد أنه تعالى شد ملكه بما يقوي الدين وأسباب سعادة الآخرة، والمراد تشديد ملكه في الدين والدنيا ومن لا يملك نفسه عن القتل والفجور كيف يليق به ذلك؟ .
الصفة الثامنة: قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ}[ص: ٢٠] والحكمة اسم جامع لكل ما ينبغي علمًا وعملًا، فكيف يجوز أن يقول الله تعالى:{وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} مع إصراره على ما يستنكف عنه الخبيث الشيطان من مزاحمة أخلص أصحابه في الروح والمنكوح، فهذه الصفات المذكورة قبل شرح تلك القصة دالة على براءة ساحته عن تلك الأكاذيب.
وأما الصفات المذكورة بعد ذكر القصة فهي عشر:
الأولى: قوله: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} وذكر هذا الكلام إنما يناسب لو دلت القصة المتقدمة على قوته في طاعة الله، أما لو كانت القصة المتقدمة دالة على سعيه في القتل والفجور لم يكن قوله:{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى} لائقًا به.
الثانية: قوله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} وهذا يدل على كذب تلك القصة من وجوه: أحدها: أن الملك الكبير إذا حكى عن بعض عبيده أنه قصد دماء الناس وأموالهم وأزواجهم فبعد فراغه من شرح القصة على ملأ من الناس يقبح منه أن يقول عقيبه: أيها العبد إني فوضت إليك خلافتي ونيابتي، وذلك لأن ذكر تلك القبائح والأفعال المنكرة يناسب الزجر والحجر.
الثالثة: وهو أنه لما كانت مقدمة الآية دالة على مدح داود - عليه السلام - وتعظيمه ومؤخرتها أيضًا دالة على ذلك، فلو كانت الواسطة دالة على القبائح والمعائب لجرى مجرى أن يقال: فلان عظيم الدرجة عالي المرتبة في طاعة الله يقتل ويزني ويسرق وقد جعله الله خليفة في أرضه وصوب أحكامه، وكما أن هذا الكلام مما لا يليق بالعاقل فكذا ههنا، ومن المعلوم أن ذكر العشق والسعي في القتل من أعظم أبواب العيوب.
والرابعة: وهو أن القائلين بهذا القول ذكروا في هذه الرواية أن داود - عليه السلام - تمنى أن يحصل له في الدين كما حصل للأنبياء المتقدمين من المنازل العالية مثل ما حصل للخليل من الإلقاء في