للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمعوه منه -؛ لأن ذلك في حكم الموصول المسند. (١)

قال ابن كثير: وقد حكى بعضهم الإجماع على قبول مراسيل الصحابة. (٢)

ثم لو سلمنا بعدم قبول رواية مرسل الصحابي، فقد رواه ابن مسعود مشاهدة، وهو ليس بمرسل في حقه، وكذلك رواه ورآه علي بن أبي طالب، وحذيفة، وجبير بن مطعم، وابن عمر. (٣)

أما عن قولهم إن حدوث هذه المعجزة يتعارض مع آية:

{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (٥٩)} [الإسراء: ٥٩].

والجواب على ذلك بما يلى:

١ - لقد طلبت قريش من النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - آية بعينها فلم تنزل حتى لا يقع العذاب عليهم:

قال القرطبي: قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ} في الكلام حذف والتقدير: وما منعنا أن نرسل بالآيات التي اقترحوها إلا أن يكذبوا بها فيهلكوا كما فعل بمن كان قبلهم قال معناه قتادة وابن جريج وغيرهما فأخر الله تعالى العذاب عن كفار قريش لعلمه أن فيهم من يؤمن وفيهم من يولد مؤمنًا، وقد تقدم في الأنعام وغيرها أنهم طلبوا أن يحول الله لهم الصفا ذهبًا وتتنحى الجبالى عنهم فنزل جبريل وقال: إن شئت كان ما سأل قومك ولكنهم إن لم يؤمنوا لم يمهلوا إن شئت استأنيت بهم فقال: "لا بل استأن بهم"، وأن الأولى في محل نصب بوقوع المنع عليهم، وأن الثانية في محل رفع، والباء في بالآيات زائدة ومجاز الكلام: وما منعنا إرسال الآيات إلا تكذيب الأولين، والله تعالى لا يكون ممنوعًا عن شيء فالمعنى: المبالغة في أنه لا يفعل؛ فكأنه قد منع عنه ثم بين ما فعل بمن سأل الآيات فلم يؤمن بها. (٤)

٢ - أنزل الله الآيات كانشقاق القمر، وطلبوا آيات أخرى فلما لم يؤمنوا منع الله إرسال الآيات.


(١) علوم الحديث للحافظ أبي عمرو بن الصلاح (٧٥).
(٢) الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث (١/ ٦).
(٣) فتح الباري (٧/ ١٨٢).
(٤) تفسير القرطبي (١٠/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>