إن ما سبق عرضه لا يعني أن الموحدين انتهوا تمامًا، بل إن التاريخ والوثائق تثبت أنه وجدت ولا تزال، في كل عصر من عصور تاريخ المسيحية وحتى يومنا هذا، أعداد غير قليلة من علماء النصارى وعامتهم ممن أنكر تأليه المسيح ورفض عقيدة التجسد والتثليث مؤكدًا تفرد الله الآب وحده بالألوهية والربوبية والأزلية، وأن المسيح مهما علا شأنه يبقى حادثًا مخلوقًا، هذا وقد حظي أولئك الأساقفة أو البطارقة الموحدون بآلاف بل عشرات آلاف الأتباع والمقلدين، وليس ههنا مجال لذكر واستقصاء أسماء كل من نقله التاريخ لنا من أولئك الموحدين الأعلام، ومن رام الاطلاع المفصَّل على ذلك فعليه بالكتاب القيم المسمى: "عيسى يبشِّر بالإسلام" للبروفيسور الهندي الدكتور محمد عطاء الرحيم، والذي ترجمه إلى العربية الدكتور (الأردني) فهمي الشما، فقد ذكر فيه مؤلفه الفرق النصرانية الموحدة القديمة وتحدث في فصل كامل عن أعلام الموحدين في النصرانية، كاد يستوعب فيها أسماءهم وتراجمهم وكتاباتهم ودلائلهم على التوحيد وأحوالهم وما لاقوه من اضطهاد ومحاربة في سبيل عقيدتهم، ونكتفي هنا بإشارة لمريعة لأسماء أشهر الفرق والشخصيات النصرانية الموحدة البارزة عبر التاريخ: فقد ذكرت المراجع التاريخية النصرانية، التي تتحدث عن تاريخ الكنيسة، أسماء عدة فرق قي القرون المسيحية الثلاثة الأولى كانت تنكر التثليث والتجسد وتأليه المسيح وهي: فرقة الأبيونيين، وفرقة الكارينثيانيين، وفرقة الباسيليديين وفرقة الكاربوقراطيين، فرقة الهيبسيستاريين، وفرقة الغنوصيين. وأما أشهر القساوسة والشخصيات المسيحية الموحدة القديمة التي تذكرها تلك المصادر فهي: ١ - ديودوروس أسقف طرطوس. ٢ - بولس الشمشاطي، وكان بطريركا في أنطاكية ووافقه على مذهبه التوحيدي الخالص كثيرون وعرفوا بالفرقة البوليقانية. ٣ - الأسقف لوسيان الأنطاكي أستاذ آريوس (توفي سنة ٣١٢ م). ٤ - آريوس أسقف كنيسة بوكاليس في الإسكندرية (٢٥٠ - ٣٣٦ م). ٥ - يوزيبيوس النيقوميدي أسقف بيروت ثم نقل لنيقوميديا عاصمة الإمبراطورية الشرقية، وكان من أتباع لوسيان الأنطاكي ومن أصدقاء آريوس. أما أشهر الموحدين من رجال الدين والمفكرين المسيحيين المتأخرين فهم: ١ - الطبيب الأسباني ميخائيل سيرفيتوس ١١٥١). ٢ - القسيس الروماني فرانسيس ديفيد ١٥١٠). Francis David ١٥٧٩