للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - وتواتر عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يبعث الآحاد إلى الجهات القريبة والبعيدة، ويحملهم أمور الدعوة والتبليغ، وتعليم الناس أحكام الإسلام وشرائعه، والنيابة عنه في الفتوى والقضاء، والفصل في الخصومات.

- فمن ذلك ما رواه الشافعي بإسناد صحيح، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أمه قالت: بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب على جمل يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن هذه أيام طعام وشراب؛ فلا يصومن أحد" (١).

- وحديث يزيد بن شيبان قال: كنا وقوفًا بعرفة، مكانًا بعيدًا من الموقف الإمام، فأتانا ابن مربع الأنصاري قال: "إني رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليكم، كونوا على مشاعركم، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام" (٢).

- وقال لأهل نجران: "لأبعثن إليكم رجلًا أمينًا حق أمين"، فاستشرف له الناس فبعث أبا عبيدة - رضي الله عنه - (٣).

قال الشافعي: وأهل قباء أهل سابقة من الأنصار، وفقه، وقد كانوا على قبلة فرض الله عليهم استقبالًا، ولم يكن لهم أن يدعوا فرض الله في القبلة إلا بما تقوم عليهم الحجة، ولم يلقوا رسول الله، ولم يسمعوا ما أنزل الله عليه في تحويل القبلة؛ فيكونون مستقبلين بكتاب الله، وسنة نبيه، سماعًا من رسول الله ولا بخبر عامة، وانتقلوا بخبر واحد إذا كان عندهم من أهل الصدق عن فرض كان عليهم، فتركوه إلى ما أخبرهم عن النبي أنه حدث عليهم من تحويل القبلة، ولم يكونوا ليفعلوه إن شاء الله بخبر إلا عن علم بأن الحجة تثبت بمثله، إذا كان من أهل الصدق.


(١) مسند الشافعي (١١٩٢).
(٢) النسائي (٥/ ٢٥٥)، وصححه الألباني.
(٣) البخاري (٤١٢٠)، مسلم (٢٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>