للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليعرفوا أنك أنت الأب وأنا الابن وهناك الروح القدس، ونحن إله واحد؟ أليس هذا من الدجل؟ (١) وجاء في إنجيل متى (٤/ ٨ - ١٠) قصة امتحان الشيطان للمسيح: "ثُمَّ أَخَذَهُ أيضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ جِدًّا، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالمِ وَمَجْدَهَا، وقال لَهُ: "أُعْطِيكَ هذه جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي". حِينَئِذٍ قَال لَهُ يَسُوعُ: "اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأنهُ مَكْتُوب: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ" فهل كان الشيطان يعِد الرب العظيم -مالك كل شيء وواهبه- بالدنيا؟ ! ! .

وينقل القمص تادرس يعقوب ملطي في تفسيره لإنجيل متى عن القديس جيروم قوله: "يقصد إبليس بكلِّ هذه التجارب أن يعرف إن كان هو الحق ابن الله، ولكن المخلص كان موفقًا في إجاباته تاركًا إياه في شك"، فالشيطان كان وبقي جاهلًا بألوهية المسيح المدعاة. (٢)

فسيدنا المسيح -عليه السلام- يؤكد على ما هو منصوص في التوراة بأن الرب الإله وحده فقط، الذي ينبغي ويصح السجود له وعبادته، وبالتالي فلا تجوز العبادة ولا السجود لأي شيء آخر غيره، سواء كان المسيح الابن أو العذراء الأم أو الصليب أو أي كائن آخر سوى الله تعالى.

ثم إن نفس امتحان الشيطان لعيسى -عليه السلام- ووسوسته له ومحاولته إضلاله لأكبر دليل، في حد ذاته، على بشرية عيسى المحضة وعدم إلهيته، إذ ما معنى امتحان الشيطان لله خالقه وربه؟ ! ومتى وكيف يكون الله تعالى في حاجة للامتحان والاختبار؟ ! وفي إنجيل برنابا (الفصل الثالث والتسعون) "أَشهد أمام السماء، وأُشهد كل شيء على الأرض أني بريء من كل ما قد قلتم لأني إنسان مولود من امرأة فانية بشرية وعرضة لحكم الله، مكابد شقاء الأكل والمنام وشقاء البرد والحر كسائر البشر". (٣)

(٣) وفي إنجيل متى (١٩/ ١٦ - ١٧): "وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَال لَهُ: "أَيُّهَا المعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلَاحٍ أَعْمَلُ لِتكُونَ لِيَ الحْيَاةُ الأبدِيَّةُ؟ " ١٧ فَقَال لَهُ: "لمَاذَا تَدْعُوني صَالِحَا؟


(١) انظر: كتاب أسئلة تبحث عن أجوبة لخطاب المصري.
(٢) الله جل جلاله واحد أو ثلاثة (٩٣).
(٣) التحفة المقدسية في مختصر تاريخ النصرانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>