للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخيرية المطلقة، ولا أنهم كانوا على التوحيد، بدليل أن في الحديث: (إن الله اصطفى قريشًا من كنانة أو من بني كنانة، ومن قريش بني هاشم، فهل كان هؤلاء كلهم على التوحيد؟

الجواب: لا بالإجماع.

وعليه، فغاية ما في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - أشرف الناس حسبًا ونسبًا، وأن نسبه طاهر مطهر من السفاح.

ثم يقال: لو دلَّ ذلك على مراد السيوطي بالمفهوم؛ فإن المتقرر عند الأصوليين؛ أن المنطوق مقدَّمٌ على المفهوم، وحديث أَنَسٍ - رضي الله عنه - الذي في مُسْلِمٍ وغيره صريح صحيح في أن أباه - صلى الله عليه وسلم - في النار.

ولو صحَّ منهج السيوطي وسلم للنصوص الصحيحة الصريحة، لما احتاج إلي تسويد العشرات من الصحائف، وليِّ أعناق النصوص، والبحث في بطون الكتب عن المنكر والشاذ والموضوع، لدعم رأيه المخالف للسلف، لأن الحديث نصٌّ في المسألة.

نقض المسلك الثالث: أن الله عز وجل أحيا له أبويه حتى آمنا به.

وقد تقدم رد ابن تيمية بطوله على هذه الشبهة التي أبطلها وأثبت ضلالها وزيفها.

وبهذا يتبين لك أن كل نصوص إحياء الوالدين مكذوبة موضوعة من أخبار الأفاكين والوضاعين.

قال السيوطي: وقال السهيلي بعد إيراده أحاديث الإحياء: الله قادر على كل شيء، وليس تعجز رحمته وقدرته عن شيء، ونبيه - صلى الله عليه وسلم - أهل أن يختص بما شاء من فضله سبحانه، وينعم عليه بما شاء من كرامته. (١)

نعم الله تعالى قادر على كل شيء، وليس إنكار أئمة السنة ما جاء به السيوطي مبنيًا على استبعاده واستحالته، بل هو مبني على عدم الثبوت، لأن النصوص التي جاء فيها ذلك موضوعة مختلقة؛ هذا من جهة، ومن جهة أخرى؛ فإن ذلك يعارض الثابت من النصوص الصحيحة الصريحة التي اتفق أئمة السلف على ثبوتها، وعلى الإيمان بما فيها تصديقًا وقبولًا، وإلا فلكل أحد أن يقول ما شاء، فللرافضة أن تقول: أحيا الله أبا طالب فآمن به، وليس ذلك بعيدًا عن قدرة الله تعالى، ويقول غيرهم: قد أحيا الله أبا لهب فآمن به - صلى الله عليه وسلم -،


(١) الحاوي للفتاوي ٢/ ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>