للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك {وَتَخْشَى النَّاسَ} أن يقولوا محمد تزوج امرأة ابنه زيد، {وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}. وقد أراد منك الزواج من زينب بعد طلاقها وانقضاء عدتها، هدمًا وقضاء على الأحكام التي جعلت الدَّعي كابن الصُّلب (١).

وهذا إمعان في إبطال هذا التبني الذي كان معروفًا في الجاهلية الأولى كما عرف في الجاهلية الحاضرة، حيث أمر الله تعالى إمام المسلمين وقدوتهم بذلك (٢).

قال القشيري: وإنما جعل الله طلاق زيد لها وتزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها؛ لإزالة حرمة التبني وإبطال سنته كما قال: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}، وقال: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ}. (٣)

وقال ابن الملقن: وكان في زواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بعد مولاه زيد ثلاث فوائد:

أحدها: لتستن أمته بذلك، كما قال تعالى: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} الآية، وأصل الحرج: الضيق.

ثانيها: أن الله قد أحل ذلك لمن كان قبله من الرسل، ومثل ذلك قوله تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} الآية، والسُنَّة هي الطريقة التي سنها الله في الذين خلوا من قبل، أي: من السنن فيما أحل لهم. قاله أبو جعفر الطبري.

ثالثها - وهي أعظمها -: أن الله - عز وجل - أراد أن يقطع البنوة بين محمد، وزيد بن حارثة، إذ لم يكن محمد أبا أحد من رجالكم، وكان - صلى الله عليه وسلم - قد تبناه، فكان يدعى: زيد بن محمد، حتى نزل: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} كما أخرجه الشيخان (٤).

وأما السؤال الثاني وهو عن سبب تحريم التبني فذلك الأقسط والعدل عند الله تعالى.


(١) أيسر التفاسير (٤/ ٢٧٣).
(٢) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للدكتور عبد الله بن محمد الغنيمان.
(٣) الشفا (٢/ ١٩٠).
(٤) البدر المنير لابن الملقن (٧/ ٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>