للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون لهذا الوجود إله، وأن يكون هناك وحي ورسل ونبوات (١).

فتحدى الله أهل قريش على أن يأتوا بمثل هذا القرآن أو بمثل سورة فعجزوا وعلموا أن لا طاقة لهم بمثله ولا بمثل آية منه، فصاروا يخبطون القول ويفترون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأقاويل مع علمهم بضلال كلامهم؛ قال تعالى عنهم: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (١٠٣)} [النحل: ١٠٣]، فافتروا هذه المقالة، واختلف المفسرون في اسم هذا الذي يقصده كفار قريش، والله عزَّ وجلَّ ردَّ عليهم بأبلغ رد وأوضحه.

فكيف يعجزون وهم أهل العربية عن محاكاة هذا اللسان العربي المبين في القرآن ثم يعلمه ويلقنه هذه الفصاحة أعجمي أو نبط وفد إليهم.

يقول الشيخ السعدي: وذلك البشر الذي يشيرون إليه أعجمي اللسان {وَهَذَا} القرآن {لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: ١٠٣]، هل هذا القول ممكن أو له حظ من الاحتمال؟ ! ولكن الكاذب يكذب ولا يفكر فيما يؤول إليه كذبه، فيكون في قوله من التناقض والفساد ما يوجب رده بمجرد تصوره (٢).

ويقول سيد قطب: وهذه المقالة منهم يصعب حملها على الجد، وأغلب الظن أنها كيد من كيدهم الذي كانوا يدبرونه وهم يعلمون كذبه وافتراءه، وإلا فكيف يقولون وهم أخبر بقيمة هذا الكتاب وإعجازه: إن أعجميًا يملك أن يعلم محمدًا هذا الكتاب، ولئن كان قادرًا على مثله ليظهرن به لنفسه (٣).

فانتفى أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعلم هذا القرآن من بشر، كما انتفى أن يكون من تأليفه، فهو وجده ربه أُميًا فعلمه ما لم يكن يعلم وهداه، ولو كان على علم أو كتابة لظنوا


(١) في ظلال القرآن (٤/ ٢١٩٥).
(٢) تفسير السعدي (٤٥٠).
(٣) في ظلال القرآن (٤/ ٢١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>