للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الذهبي رحمه الله: وهذا الجواب منه دال على أن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها، وأن ذلك الأمر من أسباب حبه لها (١).

٢ - ومن أجل هذا الفضل أحبها حبًا شديدًا كان يتظاهر به، بحيث إن عمرو بن العاص، وهو ممن أسلم سنة ثمان من الهجرة، سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: "عائشة" قال: فمن الرجال؟ قال: "أبوها" (٢).

وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الشانئين، وما كان عليه السلام ليحب إلا طيبًا، وقد قال: "لو كنت متخذًا خليلًا من هذه الأمة، لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن أخوة الإسلام أفضل" فأحب أفضل رجل من أمته وأفضل امرأة من أمته، فمن أبغض حبيبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو حري أن يكون بغيضًا إلى الله ورسوله، وحبه - صلى الله عليه وسلم - لعائشة كان أمرًا مستفيضًا، ألا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم يومها تقربًا إلى مرضاته. (٣) كما مر في الحديث السابق.

٣ - ومن فضائلها على غيرها أنها ابنة أبي بكر الصديق السبّاق إلى الخيرات، وليس غيرها كذلك بهذه الدرجة فعن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: أرسل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي فأذن لها، فقالت: يا رسول الله، إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة وأنا ساكتة، قالت: فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أي بنية ألست تحبين ما أحب"؟ فقالت: بلى، قال: "فأحبي هذه"، قالت: فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجعت إلى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتهن بالذي قالت وبالذي قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلن لها: ما نراك أغنيت عنا من شيء، فارجعي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولي له إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة، فقالت فاطمة: والله لا أكلمه فيها أبدًا قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم أر


(١) سير أعلام النبلاء (٢/ ١٤٣).
(٢) البخاري (٤٣٥٨، ٣٦٦٢).
(٣) سير أعلام النبلاء (٢/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>