للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بشر أوحى الله إليه يغضب كما يغضب البشر كما هو منصوص عليه في الحديث، وقد جرى مثل هذه القصة لحفصة - رضي الله عنها - كما أخرج أحمد عن أنس بن مالك: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع إلى حفصة ابنة عمر رجلًا فقال: احتفظي به. قال فغفلت حفصة ومضى الرجل فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: يا حفصة، ما فعل الرجل قالت: غفلت عنه يا رسول الله، فخرج، فقال رسول الله: "قطع الله يدك" فرفعت يديها هكذا فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما شأنك يا حفصة" فقالت: يا رسول الله، قلت قبل لي كذا وكذا فقال لها: "صُفّي يديك، فإني سألت الله عز وجل أيما إنسان من أمتي دعوت الله - عز وجل - عليه أن يجعلها له مغفرة" (١).

٢ - ثم إن هذا الحديث الأولى به أن يكون في مناقب عائشة - رضي الله عنها -؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل الله أن يجعل دعاءه على أي أحد من أمته مغفرة ورحمة وهكذا هذه الدعوة إن شاء الله لعائشة وإلا فدعاؤه - صلى الله عليه وسلم - مستجاب فلو لم يكن الأمر كما مر لقطعت يدها وهذا لم يحدث حتى ماتت - رضي الله عنها - فدل على أنها لها مغفرة ورحمة.

الحديث الخامس: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله تعالى {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} (الأحزاب: ٥١)، قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك. (٢)

والجواب: أن هذا ليس من سوء الأدب مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه من باب إظهار مكانة النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ربه والمعنى كما يلي:

١ - أَيْ: مَا أَرَى الله إِلَّا مُوجدًا لمِا تُرِيد بِلَا تَأْخِير، مُنْزِلًا لمَا تُحِبّ وَتَخْتَار. (٣)

٢ - وقيل: مَعْنَاهُ يُخَفِّف عَنْك وَيُوَسِّع عَلَيْك فِي الْأُمُور وَلِهَذَا خَيَّرَك. (٤)


(١) مسند أحمد (٣/ ١٤١)، وإسناده صحيح، وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(٢) البخاري (٤٧٨٨)، ومسلم (١٤٦٤).
(٣) فتح الباري (٨/ ٥٢٦).
(٤) شرح مسلم للنووي (٥/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>