المؤمنين هم من الله "كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح، فقد ولد من الله"(يوحنا (١) ٥/ ١)، فكلهم رأى الله رؤية المعرفة والإيمان. ولا يفوتنا أن ننبه هنا إلا أن عيسى لم يدع قط أنه الآب، ولا يقول بمثل هذا من النصارى أحد سوى الأرثوذكس، الذين هم أيضًا لا يقولون بأن المسيح هو الآب، لكنهم يقولون: الآب هو الابن، فالمعنى الحقيقي القريب للرؤية مرفوض.
٣ - ومما يؤكد أن الرؤيا معنوية أنه قال بعد قليل:"بعد قليل لا يراني العالم أيضًا، أما أنتم فترونني"(يوحنا ١٤/ ١٩)، فهو لا يتحدث عن رؤية حقيقية، إذ يتحدث عن رفعه للسماء، فحينذاك لن يراه العالم ولا التلاميذ، لكنه يتحدث عن رؤية معرفية إيمانية يراها التلاميذ، وتعشى عنها وجوه العالم الكافر.
ويشهد له ما جاء في متى:"وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الابْنَ إِلَّا الآبُ، وَلَا أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلَّا الابْنُ وَمَنْ أَرَادَ الابْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ."(متى ١١/ ٢٧)، فهو المقصود من الرؤية المذكورة في النصوص السابقة.
وقوله: " وَالَّذِي يَرَانِي يَرَى الَّذِي أَرْسَلَنِي." ولا يمكن أن يراد منه، أن الذي رأى الآب المرسل قد رأى الابن المرسل، إلا إذا كان المرسل هو المرسل، وهو محال للمغايرة التي بينهما كما قال المسيح: "أبي أعظم مني" (يوحنا ١٤/ ٢٨)، وقال: "أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل" (يوحنا ١٠/ ٢٩).