للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو فعل مالك مثلما فعل قيس وندم مثل ندمه ما قتله أحد، بالرغم من أن قيس قد منع الزكاة أيضًا، ولكن مالكًا حاول أن يفعل ذلك بعد فوات الأوان وبعدما انصرفت عنه سجاح. فعن الصعب بن عطية بن بلال عن أبيه: أنه قد تحلل الأحياء ونشب الشر وتشاغلوا وشغل بعضهم بعضًا، ثم ندم قيس بعد ذلك فلما أظله العلاء بن الحضرمي أخرج صدقتها فتلقاه بها، ثم خرج معه وقال في ذلك:

ألا أبلغا عني قريشًا رسالة ... إذا ما أتتها بينات الودائع

فتشاغلت في تلك الحال عوف والأبناء بالبطون والرباب بمقاعس وتشاغلت خضم بمالك. (١)

٤ - لم يكتف بمنع الزكاة والردة، بل كان يقاتل المسلمين قبل مجئ خالد، وما خضع لخالد إلا بعد انصراف سجاح عنه:

عن الصعب بن عطية بن بلال، عن سهم ابن منجاب، عن منجاب بن راشد قال: فأما بنو حنظلة فإنهم قدموا رجلًا وأخروا أخرى وكان مالك بن نويرة في البطاح ومعه جموع يساجلنا ونساجله. (٢)

ويقول البلاذري: ثم سار خالد إلى من بالبطاح والبعوضة من بنى تميم فقاتلوه، ففض جمعهم وقتل مالك بن نويرة أخا متمم بن نويرة، وقد قيل إن خالدًا لم يلق بالبطاح والبعوضة أحدًا، ولكنه بث السرايا في بني تميم، وكان منها سرية عليها ضرار بن الأزور الأسدي، فلقي ضرار مالكًا فاقتتلوا وأسره وجماعة معه. (٣)

فقد ندم مالك بن نويرة على ما كان من أمره، وتلوم في شأنه، وهو نازل بمكان يقال له: البطاح، فقصدها خالد بجنوده وتأخرت عنه الأنصار، وقالوا: إنا قد قضينا ما أمرنا به الصديق، فقال لهم خالد: إن هذا أمر لا بد من فعله، وفرصة لا بد من انتهازها، وإنه لم يأتني فيها كتاب، وأنا الأمير وإلي ترد الأخبار، ولست بالذي أجبركم على المسير، وأنا قاصد البطاح، فسار يومين ثم لحقه رسول الأنصار يطلبون منه الانتظار، فلحقوا به، فلما


(١) تاريخ الطبري (٢/ ٤٩٥): فيما ذكر السري عن شعيب، عن سيف، عن الصعب.
(٢) تاريخ الطبري (٢/ ٥٢٢): كتب إلى السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب به.
(٣) فتوح البلدان (١/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>