للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غاية، وكان أهل الحجاز، العرب واليهود، يتعاطون الربا، وكان فاشيًا فيهم، وكانوا يجحفون فيه ويبلغون إلى حد الغلو والقسوة.

ولم يكن الزنى نادرًا وكان غير مستنكر استنكارًا شديدًا، فكان من العادات أن يتخذ الرجل خليلات ويتخذ النساء أخلاء بدون عقد، وكانوا قد يُكرهون بعض النساء على الزنى. عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قالت: النِّكَاحُ في الجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَليَّتَهُ أَوِ ابْنتهُ، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا أرسلي إِلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ. وَيعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلَا يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتبَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الذي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تبين حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً في نَجَابَةِ الْوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاسْتِبْضَاعِ، وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى امْرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا. فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا ليالي بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا تَقُولُ لَهُمْ قَدْ عَرَفْتُمُ الذي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلَانُ. تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ. وَنِكَاحُ الرَّابِعِ يَجْتَمِعُ النَّاسُ الْكَثيرُ فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا وَهُنَّ الْبَغَايَا كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا وَدَعَوْا لَهُمُ الْقَافَةَ ثُمَّ أَلْحْقُوا وَلَدَهَا بالذي يَرَوْنَ فَالْتَاطَ بِهِ، وَدُعِيَ ابْنَهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - بِالحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ الجْاهِلِيَّةِ كُلَّهُ، إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ. (١)

المرأة في المجتمع الجاهلي: وكانت المرأة في المجتمع الجاهلي عرضة غبن وحيف، وتؤكل حقوقها وتُبْتز أموالها وتُحرم إرثها وتعضل بعد الطلاق أو وفاة الزوج من أن تنكح زوجًا ترضاه، وتورث كما يورث المتاع أو الدابة. وقال السُدّي: إن الرجل في الجاهلية كان يموت أبوه أو أخوه أو ابنه فإذا مات وترك امرأته فإن سبق وارث الميت فألقى عليها ثوبه فهو أحق


(١) البخاري (٥١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>