للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= راوي الخبر هو: المغيرة بن مقسم، من الطبقة التي عاصرت صغار التابعين، ولم يكتب لهم سماع من الصحابة، وتوفي سنة ١٣٦ هـ، فهو لم يشهد الحادثة فروايته للخبر مرسلة.
- كذلك المغيرة بن مقسم مدلس، ذكره ابن حجر في الطبقة الثالثة من المدلسين الذين لا يحتج بهم إلا إذا صرحوا بالسماع. طبقات المدلسين ت (١٠٧)، والتقريب ت (٦٨٥١).
- أمّا الرواية الأخرى التي جاء فيها وقوع الاغتصاب، هي ما ذكرها ابن الجوزي في الموضع السابق أن محمد بن ناصر ساق بإسناده عن المدائني عن أبي عبد الرحمن القرشي عن خالد الكندي عن عمّته أم الهيثم بنت يزيد قالت: "رأيت امرأة من قريش تطوف، فعرض لها أسود فعانقته وقبّلته، فقلت: يا أمة الله أتفعلين بهذا الأسود؟ فقالت: هو ابني وقع عليّ أبوه يوم الحرة" ا. هـ.
- خالد الكندي وعمّته لم أعثر لهما على ترجمة. ولم أعثر عليهما إلا في هذا الإسناد.
والمرأة التي كانت تطوف لا يدرى من هي ولا يخفى أنها ناقلة الخبر فكيف يعتمد على خبر لا يعرف ناقله في أمر هام كهذا ولا يقال إن هذا من الستر فليس من الستر أن يفترى على أمة بأكملها لستر امرأة لا ذنب لها فيما حدث.
- أمّا الرواية التي ذكرها ابن حجر في الإصابة أن الزبير بن بكار قال: حدثني عمّي قال: كان ابن مطيع من رجال قريش شجاعة ونجدة وجلدًا فلما انهزم أهل الحرة وقتل ابن حنظلة وفرّ ابن مطيع ونجا، توارى في بيت امرأة، فلما هجم أهل الشام على المدينة في بيوتهم ونهبوهم، دخل رجل من أهل الشام دار الرأة التي توارى فيه ابن مطيع، فرأى المرأة فأعجبته فواثبها، فامتنعت منه، فصرعها، فاطلع ابن مطيع على ذلك فخلّصها منه وقتله".
- وهذه الرواية منقطعة، فراوي القصة هو مصعب الزبيري المتوفى سنة ٢٣٦ هـ، والحرة كانت في سنة ٦٣ هـ، فيكون بينه وبين الحرة زمن طويل ومفاوز بعيدة.
وعليه فلم نجد لهم رواية ثابتة جاءت من طريق صحيح لإثبات إباحة المدينة، بالرغم من أنّ شيخ الإسلام ابن تيمية، والحافظ ابن حجر -رحمهما الله- قد أقرّا بوقوع الاغتصاب، ومع ذلك لم يوردا مصادرهم التي استقيا منها معلوماتهما تلك، ولا يمكننا التعويل على قول هذين الإمامين دون ذكر الإسناد، فمن أراد أن يحتج بأي خبر كان فلا بد من ذكر إسناده، وهو ما أكده شيخ الإسلام ابن تيميّه حينما قال في المنهاج: "لا بد من ذكر (الإسناد) أولًا، فلو أراد إنسان أن يحتج بنقل لا يعرف إسناده في جُرْزَةِ بقل لم يقبل منه. ا. هـ من المنهاج (٤/ ٥١٠). فكيف نقبل الحكم الصادر على الجيش الإسلامي في القرون المفضلة بأنه ينتهك العرض دون أن تكون تلك الروايات مسندة، أو لا يمكن الاعتماد عليها! ثم على افتراض صحتها جدلًا فأهل العلم حينما أطلقوا الإباحة فإنما يعنون بها القتل، والنهب كما جاء ذلك عن الإمام أحمد، وليس اغتصاب النساء، فهذه ليست من شيمة العرب، فمن المعلوم أن انتهاك العرض أعظم من ذهاب المال، فالعرب في الجاهلية تغار على نسائها أشد الغيرة، وجاء الإسلام ليؤكد هذا الجانب، ويزيده قوة إلى قوته، واستغل الرافضة هذه الكلمة -الإباحة- وأقحموا فيها هتك الأعراض، حتى أن الواقدي نقل بأن عدد القتلى بلغ سبعمائة رجل من قريش، والأنصار، ومهاجرة العرب ووجوه الناس، وعشرة آلاف من سائر الناس! وهو الذي أنكره =

<<  <  ج: ص:  >  >>