- ثم إن المدينة كانت تضم الكثير من الصحابة والتابعين، وبعضهم لم يشترك في المعركة من أمثال: ابن عمر، وأبي سعيد الخدري، وعلي بن الحسين، وسعيد بن المسيِّب، وهؤلاء لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وهم يشاهدون النساء المؤمنات يفجر بهنّ، حتى التبس أولاد السفاح بأولاد النكاح كما زعموا! . - كما أننا لا نجد في كتب التراجم أو التاريخ ذكرًا لأي شخص قيل: إنه من سلالة أولاد الحرة (الألف) كما زعموا. - سجّل لنا التاريخ صفحات مشرقة ما اتسم به الجندي المسلم والجيوش الإسلامية، من أخلاق عالية وسلوك إسلامي عظيم، حتى أدت في بعض الأحيان إلى ترحيب السكان بهم، كفاتحين يحملون الأمن، والسلام، والعدل للناس. - لم ينقل إلينا أن المسلمين يفتحون المدن الكافرة، ويقومون باستباحتها، وانتهاك أعراض نسائها! فكيف يتصور أن يأتي هذا المجاهد لينتهك أعراض المؤمنات، بل أخوات وحفيدات الصحابة - رضي الله عنهم - سبحانك هذا بهتان عظيم. - ومن العجيب أن هناك من نسب إلى يزيد بن معاوية أنه لما بلغته هزيمة أهل المدينة بعد معركة الحرة، تمثل بهذا البيت: - ألا ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل. - فهذا البيت قاله ابن الزبعري بعد معركة أحد، وكان كافرًا ويتشفى بقتل المسلمين، وذكره ابن كثير ثم عقّب بعده بالقول: فهذا إن قاله يزيد بن معاوية فعليه لعنة الله وعليه لعنة اللاعنين، وإن لم يكن قاله فلعنة الله على من وضعه عليه ليشنع به عليه" اهـ. من البداية والنهاية (٨/ ٢٢٤) وجزم شيخ الإسلام ببطلانه فقال: "ويعلم ببطلانه كل عاقل" كما في منهاج السنة (٤/ ٥٥٠). وقال ابن كثير رحمه الله: وروى المدائني أن مسلم بن عقبة بعث روح بن زنباع إلى يزيد ببشارة الحرة، فلما أخبره بما وقع قال: وا قوماه، ثم دعا الضحاك بن قيس القهري فقال له: ترى ما لقي أهل المدينة؟ فما الذي يجبرهم؟ قال: الطعام والأعطية، فأمر بحمل الطعام إليهم، وأفاض عليهم أعطيته. وهذا خلاف ما ذكره كذبة الروافض عنه من أنه شمت بهم، واشتفى بقتلهم، وأنه أنشد ذكرا وأثرا شعر ابن الزبعرى المتقدم ذكره. اهـ من البداية، والنهاية (٨/ ٢٥٦) رابعًا: استدلوا على جواز لعنه بها روي عن الإمام أحمد: وهي التي أخرجها أبو يعلى الفراء بإسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي: إن قومًا يُنسبون إلى تولية يزيد، فقال: يا بني وهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله؟ فقلت: ولم لا تلعنه؟ فقال: ومتى رأيتني ألعن شيئًا، ولم لا يُلعن من لعنه الله في كتابه؟ فقرأ قوله تعالى {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} (محمد: ٢٣). وكلام أحمد يستدل له ولا يستدل به وهذا لو ثبت فكيف وثبوته عنه فيه نزاع على أنه قد ثبت عنه العكس. =