للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= - عندما ذهب عبد الله بن مطيع إلى محمد بن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة، ويتعدى حكم الكتاب، فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظبًا على الصلاة، متحريًا للخير، يسأل عن الفقه ملازمًا للسنة، قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعًا، فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر لي الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لك يكن أطلعكم فما يحلّ لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا".
- محمد بن الحنفية هو أخو الحسين بن علي، وقد قتل أخوته، وأقاربه في كربلاء، وليس من العقول أن يقف مع يزيد، خاصة إذا علم أنه كان يشرب الخمر ويترك الصلاة.
- كذلك أقام علي بن الحسين طويلًا عند يزيد (قرابة الشهر)، وذلك بعد مقتل والده وأقاربه في كربلاء، ومع ذلك لم نجد رواية واحدة عن علي بن الحسين يتهم فيها يزيد بن معاوية بشرب الخمر.
- الصحابيان الجليلان النعمان بن بشير وعبد الله بن جعفر - رضي الله عنهما - من الذين كانت لهما صلة قوية بيزيد، فالنعمان كان أميره على الكوفة، ثم جعله مستشارًا له في أمور الدولة، وعبد الله بن جعفر صحابي جليل كان يحبه - صلى الله عليه وسلم - وكان يقول: "وأما عبد الله فشبه خَلْقي وخُلُقي"، ولم نر هذين الصحابيين الجليلين ذكرا يزيدًا بالخمر، أو ترك الصلاة، فكيف يكون لهما هذه المنزلة، ولا يعرفون عن يزيد ما اطلع عليه المغرضون المتهمون يزيد بشربها.
- لذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ولم يكن يزيد مظهرًا للفواحش كما يحكي عنه خصومه اهـ. من مجموع الفتاوى (٣/ ٤١٠). وتمام عبارة ابن تيمية قال رحمه الله: فإن يزيد بن معاوية ولد في خلافة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ولم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا كان من الصحابة باتفاق العلماء ولا كان من المشهورين بالدين والصلاح وكان من شبان المسلمين ولا كان كافرًا ولا زنديقا وتولى بعد أبيه على كراهة من بعض المسلمين ورضا من بعضهم وكان فيه شجاعة وكرم ولم يكن مظهرًا للفواحش كما يحكي عنه خصومه، وجرت في إمارته أمور عظيمة أحدها: مقتل الحسين، - رضي الله عنه - وهو لم يأمر بقتل الحسين، ولا أظهر الفرح بقتله، ولا نكت بالقضيب على ثناياه - رضي الله عنه -، ولا حمل رأس الحسين - رضي الله عنه - إلى الشام؛ لكن أمر بمنع الحسين - رضي الله عنه - وبدفعه عن الأمر ولو كان بقتاله فزاد النواب على أمره وحض الشمرذي الجيوش على قتله لعبيد الله بن زياد فاعتدى عليه عبيد الله بن زياد فطلب منهم الحسين - رضي الله عنه - أن يجيء إلى يزيد أو يذهب إلى الثغر مرابطا أو يعود إلى مكة فمنعوه - رضي الله عنه - إلا أن يستأسر لهم وأمر عمر بن سعد بقتاله فقتلوه مظلوما له ولطائفة من أهل بيته - رضي الله عنه -.
وكان قتله - رضي الله عنه - من المصائب العظيمة فإن قتل الحسين وقتل عثمان قبله كانا من أعظم أسباب الفتن في هذه الأمة وقتلتهما من شرار الخلق عند الله، ولما قدم أهلهم - رضي الله عنه - على يزيد بن معاوية أكرمهم وسيرهم إلى المدينة، وروي عنه أنه: لعن ابن زياد على قتله، وقال: كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين لكنه مع هذا لم يظهر منه إنكار قتله والانتصار له والأخذ بثأره كان هوالواجب عليه، فصار أهل الحق يلومونه على تركه للواجب مضافًا إلى أمور أخرى، وأما خصومه فيزيدون عليه من الفرية أشياء. وأما الأمر الثاني فإن =

<<  <  ج: ص:  >  >>