للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرهم حتى دخل مكة ثم كانوا أول داخل، وآخر خارج ليس في الأرض صباح إلا لهم في حباء، وكرامة لا يعرض لهم بذكر شيء مما هو فيه. حتى قضى نسكه، وترحلت أثقاله، وقرب مسيره إلى الكعبة، وأنيخت رواحله فأقبل بعض القوم على بعض فقالوا: أيها القوم لا تخدعون إنه والله ما صنع بكم لحبكم، ولا كرامتكم وما صنعه إلا لما يريد فأعدوا له جوابا. وأقبلوا على الحسين فقالوا: أنت يا أبا عبد الله؟ قال: وفيكم شيخ قريش وسيدها هو أحق بالكلام فقالوا: أنت يا أبا محمد؟ لعبد الرحمن بن أبي بكر فقال: لست هناك وفيكم صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وابن سيد المسلمين -يعني ابن عمر- فقالوا لابن عمر: أنت؟ قال: لست بصاحبكم ولكن ولوا الكلام ابن الزبير يكفيكم. قالوا: أنت يا بن الزبير؟ قال: نعم إن أعطيتموني عهودكم ومواثيقكم ألا تخالفوني كفيتكم الرجل. فقالوا: فلك ذلك. فخرج الإذن فأذن لهم فدخلوا. فتكلم معاوية فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: قد علمتم سيرتي فيكم وصلتي لأرحامكم وصفحي عنكم وحملي لما يكون منكم، ويزيد بن أمير المؤمنين أخوكم وابن عمكم وأحسن الناس فيكم رأيًا. وإنما أردت أن تقدموه باسم الخلافة، وتكونون أنتم الذين تنزعون وتؤمرون وتجبون وتقسمون لا يدخل عليكم في شيء من ذلك. فسكت القوم فقال: ألا تجيبوني؟ فسكتوا. فأقبل على ابن الزبير فقال: هات يا بن الزبير فإنك لعمري صاحب خطبة القوم. قال: نعم يا أمير المؤمنين. نخيرك بين ثلاث خصال أيها ما أخذت فهو لك رغبة. قال: لله أبوك أعرضهن. قال: إن شئت صنعت ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن شئت صنعت ما صنع أبو بكر فهو خير هذه الأمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وإن شئت صنعت ما صنع عمر فهو خير هذه الأمة بعد أبي بكر قال: لله أبوك وما صنعوا؟ قال: قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يعهد، ولم يستخلف أحدًا. فارتضى المسلمون أبا بكر. فإن شئت أن تدع هذا الأمر حتى يقضي الله فيها قضاءه فيختار المسلمون لأنفسهم فقال: إنه ليس فيكم اليوم مثل أبي بكر. إن أبا بكر كان رجلا تقطع دونه الأعناق وإني لست آمن عليكم الاختلاف. قال: صدقت والله ما نحب أن تدعنا على

<<  <  ج: ص:  >  >>