٥ - وأما خطبته التي ذكروا أنه عجب منها عمرو فما كان عنده فضل علم، ولا فصاحة يفوق بها عمرا فمن فوقه أو دونه، وقد ادخل له الشيخ المفتري خطبا ليست في الحد المذكور.
٦ - وأما قولهم إن أبا سفيان اعترف به وقال شعرا فيه فلا يرتاب ذو تحصيل في أن أبا سفيان لو اعترف به في حياة عمر لم يخف شيء لأن الحال لم يكن تخلو من أحد قسمين إما أن يرى عمر إلاطته به كما روى عنه في غيره فيمضي ذلك أو يرد ذلك فلا يلزم أبا سفيان شيء باقتراف ما كان في الجاهلية فذكرهم هذه الحكاية المخترعة الباردة المتهافتة الخارجة عن حد الدين والتحصيل لا معنى لها.
٧ - وأما تولية على له فتزكية.
٨ - وأما بعث معاوية إليه فيكون معه: فصحيح في الجملة، وأما تفصيل ما كتب معاوية أو كتب زياد به إلى علي أو أجاب به عليّ زيادا: فهذا كله مصنوع.
٩ - وأما قول علي إنما كانت من أبي سفيان فلته زمن عمر لا تستحق بها نسبًا فلو صح لكان ذلك شهادة كما روى عن زياد ولم يكن ذلك بمبطل لما فعل معاوية لأنها مسألة اجتهاد بين العلماء فرأى عليّ شيئًا ورأى معاوية، وغيره غيره.
١٠ - وأما نكتة الكلام، وهو القول في استلحاق معاوية زيادًا، وأخذ الناس عليه في ذلك: فأي أخذ عليه فيه إن كان سمع ذلك من أبيه؟ وأي عار على أبي سفيان في أن يليط بنفسه ولد زنا كان في الجاهلية، فمعلوم أن سمية لم تكن لأبي سفيان كما لم تكن وليدة زمعة لعتبة، ولكن كان لعتبة منازع تعيَّن القضاء له، ولم يكن لمعاوية منازع في زياد.
اللهم إن ها هنا نكتة اختلف العلماء فيها وهي: أن الأخ إذا استلحق أخا يقول: هو ابن أبي، ولم يكن له منازع بل كان وحده فقال مالك: يرث، ولا يثبت النسب.
وقال الشافعي في آخرين: يثبت النسب ويأخذ المال. هذا إذا كان المقر به غير معروف النسب واحتج الشافعي بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش، وللعاهر الحجر" فقضى بكونه للفراش وبإثبات النسب.