(أعمال ٣/ ١٥)، ومثله قول بولس:"والله الآب الذي أقامه من الأموات"(غلاطية ١/ ١).
٤ - ويرى المحققون أن المقصود من هذه النصوص؛ أن المسيح خلقت به الخلائق خلقة الهداية والإرشاد، لا الإيجاد والتكوين، فتلك خلقة الله فحسب، والخلقة التي خلقها الله بالمسيح - عليه السلام - هي الخلقة الجديدة، خلقة الهداية، التي تحدث عنها داود، وهو يدعو الله بقوله:"قلبًا نقيًّا اخلق في يا الله، وروحًا مستقيمًا جدد في داخلي"(المزمور ٥١/ ١٠). ومثله قال بولس عن المؤمنين بالمسيح:"إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة"(كورنثوس (٢) ٥/ ١٧). وقال:"لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلَا الْغُرْلَةُ، بَلِ الخلِيقَةُ الجدِيدَةُ."(غلاطية ٦/ ١٥). وفي موضع آخر يقول:"تلبسوا الإنسان المخلوق الجديد بحسب الله في البر"(أفسس ٤/ ٢٤). وعلى هذا الأساس؛ اعتبر يعقوب التلاميذ باكورة المخلوقات فقال:"شاء فولدنا بكلمة الحق، لكي نكون باكورة من خلائقه"(يعقوب ١/ ١٨) أي أوائل المهتدين الذين تلبسوا بالخليقة الجديدة. وعليه؛ فإن المقصود من خلق المسيح للبشر هو الخلق الروحي، إذ جعله الله محييا لموات القلوب وقاسيها.
٥ - لكن قائلًا قد يرد استدلالنا وتأولنا للنصوص بما يقرأه فيها من حديث عن خلق السماوات والأرض وما فيهما بالمسيح، فيرى أن النصوص التي يتعلق بها النصارى لا تتعلق بالبشر فقط؛ إذ فيها أن الله خلق به ما في السماوات والأرض، وهذا قد يراه البعض - ممن لم يعتد طريقة الأسفار في التعبير- مانعًا من صرف النص إلى الخليقة الجديدة.
أما الذين اعتادوا على طريقة الأسفار في التعبير، فإنهم يرون في هذه النصوص مبالغة معهودة، حملتها مرارا الأسفار التوراتية والإنجيلية، ومن ذلك وصف العهد الجديد المسيح - عليه السلام - والتلاميذ أنهم نور العالم، يقول يوحنا:"مَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلًا: "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلَا يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الحيَاةِ" (يوحنا ٨/ ١٢)، وقال لتلاميذه: "أنتم نور العالم" (يوحنا ٥/ ١٤). ومن المعلوم أنهم جميعًا كانوا نورًا استنار به المؤمنون، وأعرض عنه غيرهم، فأظلمت قلوبهم، ولا يمكن أن يدعى ظهور النور في الجماد والحيوان