للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} [النساء: ١٧١]. فالكلمة التي ألقاها إلى مريم: حين قال له كن، فكان عيسى بكن وليس عيسى هو كن، ولكن بكن كان. فالكن من الله قول، وليس الكن مخلوقًا. وكذب النصارى والجهمية على الله في أمر عيسى ... وقلنا نحن إن عيسى بالكلمة كان، وليس عيسى هو الكلمة" (١)

٢ - قال أبو عبيد القاسم بن سلام: "وأما المسيح فالمراد أن الله خلقه بكلمة لا أنه هو الكلمة لقوله {أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} ولم يقل ألقاه ويدل عليه قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَال لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)} [آل عمران: ٥٩].

٣ - قال شاذان بن يحيى: "ليس الكلمة صارت عيسى، ولكن بالكلمة صار عيسى" (٢).

٤ - كما يقول ابن كثير -في قوله تعالى- {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} "أي إنما هو عبد من عباد الله، وخلق من خلقه

قال له كن فكن، ورسول من رسله، وكلمته ألقاها إلى مريم، أي خلقه بالكلمة التي أرسل بها جبريل - عليه السلام - إلى مريم فنفخ فيها من روحه بإذن ربه - عز وجل -، وكانت تلك النفخة التي نفخها في جيب درعها فنزلت حتى ولجت فرجها بمنزلة لقاح الأب الأم، والجميع مخلوق لله - عز وجل -؛ ولهذا قيل لعيسى إنه كلمة الله وروح منه؛ لأنه لم يكن له أب تولد منه، وإنما هو ناشئ عن الكلمة التي قال له بها كن فكان والروح التي أرسل بها جبريل".

كما يقول ابن كثر: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥)}.: "أي بولد يكون وجوده بكلمة من الله أي يقول له كن فيكون وهذا تفسير قوله {اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} كما ذكر الجمهور" ويقول ابن جرير: "قال آخرون:


(١) الإمام أحمد بن محمد بن حنبل: "الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله" ويليه: كتاب السنة "صححه وعلق عليه إسماعيل الأنصاري، نشر وتوزيع: رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ص (٤٣).
(٢) تفسير ابن كثير (١/ ٥٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>