سلمة قال: خرجنا مع أبي بكر -رضي اللَّه عنه- أمره علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى أن قال: فلقيني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الغد في السوق فقال: يا سلمة، هب لي المرأة -يعني التي نفله أبو بكر إياها- فقلت: يا رسول اللَّه لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبًا، ثم لقيني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الغد في السوق فقال:"يا سلمة هب لي المرأة للَّه أبوك" فقلت: هي لك يا رسول اللَّه فواللَّه ما كشفت لها ثوبًا فبعث به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ففدى بها ناسًا من المسلمين أسروا بمكة، ولا يفادي بالأسير إذا أسلم وهو بأيدينا؛ لأنه لا يفيد إلا إذا طابت نفسه وهو مأمون على إسلامه، فيجوز لأنه يفيد تخليص مسلم من غير إضرار بمسلم آخر، وأما المفاداة بمال فلا تجوز في المشهور من مذهب الحنفية لما بين في المفاداة بالمسلمين من ردهم حربًا علينا.
وفي السير الكبير أنه لا بأس به إذا كان بالمسلمين حاجة، قيل: استدلالًا بأسارى بدر فإنه لا شك في احتياج المسلمين، بل في شدة حاجتهم إذ ذاك فليكن محمل المفاداة الكائنة في بدر بالمال، وأما المن على الأسارى وهو أن يطلقهم إلى دار الحرب من غير شيء فلا يجوز عند أبي حنيفة. ومالك. وأحمد، وأجازه الإمام الشافعي؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- منّ على جماعة من أسرى بدر منهم أبو العاص بن أبي الربيع على ما ذكره ابن إسحق بسنده. وأبو داود من طريقه إلى عائشة لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت بنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنائه عليها، فلما رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك رق لها رقة شديدة وقال لأصحابه:"إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرنا وتردوا لها الذي لها"، ففعلوا ذلك مغتبطين به، ورواه الحاكم وصححه وزاد:"وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أخذ عليه أن يخلي زبنب إليه ففعل"، ومنّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على ثمامة بن أثال بن النعمان الحنفي سيد أهل اليمامة، ثم أسلم وحسن إسلامه، وحديثه في (صحيح مسلم) عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، ويكفي ما ثبت في (صحيح البخاري) من قوله عليه الصلاة والسلام: "لو كان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى يعني أساري بدر لتركتهم له"، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبر وهو الصادق المصدوق بأنه يطلقهم لو