يقول عبد الرحمن بن أسلم -رضي اللَّه عنه- في معنى قوله تعالى:{وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}(الأعراف: ٢٦): يتقى فيوارى عورته، فذاك لباس التقوى. (١) وينبغي أن نعلم أن هناك تلازمًا بين شرع اللَّه اللباس لستر العورات والزينة، وبين تقوى اللَّه كلاهما لباس، فهذا يستر عورات القلب ويزينه وينوره، وذاك يستر عورات الجسد ويزينه ويكرمه. إن شعور التقوى والحياء والخوف من هو الذي ينبع منه الشعور باستقباح عري الجسد والحياء منه، والذي لا يستحي من اللَّه ولا يتقيه ولا يخشاه، لا يهم أن تنكشف سوءته، بل هو يدعو للعري والسفور، وهو الإنسان التافه الساقط، الذي تعرى من الإيمان والأخلاق ومن الحياء، والآية تقول:{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}(الأعراف: ٢٧) وهنا تحذر شديد، ودعوة إلى الحذر، وتخويف من اللَّه لنا، من أن الشيطان يرى هؤلاء، من حيث لا يرونه، مما يسهل علينا فتنتهم.
كما تؤكد الآية هذا الأمر الخطير {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}(الأعراف: ٢٧) وهذِه حقيقة أيضًا، فالشيطان ولي هؤلاء الذين تجرءوا على اللَّه ولم يخشوا عقابه، ويا ويل من كان الشيطان وليه، وهو عدوه الأكبر {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}(فاطر: ٦) ويا ويل من يسيطر عليه عدوه، ويستهويه ويقوده كما يشاء بلا عون ولا نصير.
إن الحجاب الذي تعلن عليه اليوم الحرب، هو الستر وهو جملة الآداب والأخلاق السامية التي جاء بها الإسلام؛ ليهدم ما كانت عليه المرأة في الجاهلية من تبرج وتحلل وإثارة، وإن النماذج المشرفة للفتيات المؤمنات الملتزمات في المجتمعات العربية والإسلامية اليوم، لهي صورة عظيمة للمرأة المسلمة تستحق من كل غيور على مستقبل هذِه الأمة؛ أن يعمل على تثبيتها وتقويتها واستمرارها وشيوعها في المجتمع، ويجب أن تحاط بكل
(١) صحيح. أخرجه الطبري في تفسيره ١٢/ ٣٦٨ من طريق يونس، عن ابن وهب، عن ابن زيد به.