الزنا مولد الأدواء المشوهة القاتلة، ومقلل النسل، ومضيع الأنساب ومتلف الأموال، ومفسد نظام العائلات، وإن المجاهرة به مدعاة لتعميمه وتعميمه فتنة في الأرض وفساد كبير وبلاء على الأمم وبيل فشا في الأمة الفرنسوية وهي مفيضة العلم على أوربا وقدوتها في التربية العملية التي بها قوام المدنية فصدمها صدمة وقفت بنموها وقللت رجالها فقد كان متوسط المواليد فيها أوائل هذا القرن ٣٢ في الألف، فهبط في بعض بلادهم إلى ١٤، وفي بعضها على ٢٢ في الألف ولقد كان سكان أوربا يومئذ نحو مائة مليون ربعهم من الفرنسيون فزادت بروسيا في مدة القرن خمسة أضعاف، وبريطانيا أربعة أضعاف، وروسيا ثلاثة أضعاف، وفرنسا ضعفًا واحدًا، وأصبح أهل فرنسا عشر أهل أوربا وسبب ذلك الأكبر فشو الزنا فيهم وساستهم الآن في حيرة من تلافيه هذا، وإن لهذه المصيبة من الضرر المالي في مثل هذه البلاد ما لا نظير له في فرنسا وذلك لأن معظم المال الذي ينفق على الفحش هنا إنما ينقصه الأجانب من ثروة البلاد؛ لأن معظم المسافحات وذوات الأخدان فيها من الإفرنج، لا سيما صواحب الأمراء والوجهاء اللواتي يفاض عليهن المال جزافًا بلا عد ولا كيل، وبهذا المعنى نعد البغايا والمومسات من الجند الفاتح للبلاد، فإنهن ما نزلن في عراص قوام إلا مهدن لأبناء جنسهن فيها المقام وأورثنهم أرضهم وديارهم وأموالهم وشاهد ذلك بين يدينا وتحت مواقع أبصارنا فعلى من ابتلى بذلك أن يقلع حفظًا لدينه ودنياه، وإن كان استحوذ عليه الشيطان وملك عليه أمره فليستتر، لا سيما عن أهله وبنيه لئلا يجني عليهم فيفسدهم كما فسد ويضيع الأمل من مستقبل البلاد بهم، وليحجبهم ويمنعهم من قرناء السوء أمثاله ولا يأتمن عليهم الخدم فإنهم في الغالب على دينه ومشربه الخبيث ولقد بلغنا أن هؤلاء الخدم يغشون مواخير المومسات ومعهم الأولاد الصغار