للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء يؤيد الأول، فلماذا يحمل على الثاني من غير مرجع.

ب - كما أكرهه للمولود من زنا، وإن نكح من بناته لم أفسخه لأنه ليس بابنه في حكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- معناه أنه يكره للمولود من زنا أن ينكح البنات اللاتي رضعن بلبن الزاني المترتب على الزنا؛ لأنه ليس ابنًا له، وبالتالي فهن لسن أخوات له، ولذلك لا يفسخ، فأين التصريح في كلام الشافعي أن الزاني ينكح ابنته من الزنا؟ ! فالكلام في هذه الفقرة لا ذكر فيه للزاني، وإنما الضمير يعود في قوله: وإن نكح من بناته. . . إلخ يعود على المولود من الزنى لأنه أقرب مذكور وهو المولود من الزنى، ومما يؤكد هذا أنه وإن نكح من بناته، فهذا لا يمكن أن يكون المراد به الزاني نفسه لاحتمال أن يكون له بنات من غير الزنى، والكلمة عامة، فهل يقال: إن الشافعي يجيز للزاني أن ينكح بناته من غير الزنا! وهذا حينئذ من أعجب العجب، ومن خلال هذا الذي مَرَّ يتبين قوة نظر من قال من الشافعية إنه لم ينص على البنت الصلبية؛ إنما نص على البنت من الرضاع، أي من الزنا، على النحو الذي مَرَّ، هاذا كان هذا؛ فإن هذه المسألة ينبغي أن لا تنسب إلى الشافعي، وإنما تنسب إلى الشافعية القائلين بذلك، ومما يدل على هذا إنكار أحمد أن يكون في المسألة خلافٌ، وهو معاصره وتلميذ للشافعي.

وأما الحديث الذي استدل به الشافعي من أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في الغلام الذي ولد على فراش سودة وهو يشبه عتبة بن أبي وقاص: "هولك يا عبدُ بن زمعة، الولد للفراش، وللعاهر الحجر"، ثم قال لسودة: "احتجبي منه لما رأى من شبهه بعتبة فما رآها حتى لقي اللَّه" (١).

فقد يستدل به على أن لوطء الزنا حكم وطء الحلال في حرمة المصاهرة، وهو قول الجمهور، ووجه الدلالة أمر سودة بالاحتجاب بعد الحكم بأنه أخوها لأجل الشبهة بالزاني، وصحح ذلك الحافظ في الفتح. (٢)

وقال ابن القيم: نص الشافعي على كراهة تزوج الرجل بنته من ماء الزنا، ولم يقل فقط


(١) البخاري (٦٧٤٩).
(٢) فتح الباري (١٢/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>