وبعد عرض الروايات الأربع لهذه الحادثة الخطيرة، يحق لنا أن نسأل: أين شك التلاميذ؟ ، لقد سبق أن ذكرت الأناجيل على لسان المسيح قوله لتلاميذه:": "كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ".
ونحن هنا أمام احتمالين:
أحدهما: أن يكون المسيح قد تنبأ لتلاميذه بأن مؤامرة ستدبر ضده، ورغم أنها ستسبب له ألما ومعاناة إلا أنها ستفشل وينقذه الله من القتل الذي ينتظره على أيدي مدبريها.
ثانيهما: أن يكون المسيح قد تنبأ لتلاميذه بأن مؤامرة ستدبر ضده وتسبب له ألما ومعاناة وتنتهي بقتله.
فإن كانت الحالة الأولى، ورأى التلاميذ - حسب ما ترويه الأناجيل - بكل وضوح أن المسيح قبض عليه في تلك الليلة، واستطاعت قوى الشر أن تنتصر عليه، وتحقق ما تريد فعندئذ لا بد أن يشك التلاميذ في معلمهم الذي تنبأ لهم بنجاته، وقد يكون الارتداد عن العقيدة أيضًا.
ولما كانت الأناجيل قد أظهرت جميعها أن التلاميذ لم يشكوا في المسيح في تلك الليلة.
فإن هذا يعني أن الأحداث سارت حسبما جاء في تلك الحالة التي تنتهي بنجاة المسيح من القبض والقتل.
وأما إن كانت الحالة الثانية، وهي أن المسيح تنبأ لتلاميذه بالقبض عليه وقتله، فإن ما شاهده التلاميذ - حسب رواية الأناجيل أيضًا - هو أن ذلك ما حدث، ولا محل للشك