للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنار، فاللَّه يبدل الجلود لكي يستمر الإحساس بعذاب النار، قد أشار بعضهم إلى أن الإعجاز يكمن في الجملة التعليلية الواردة في الآية {لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}، وأن الآية ظاهرة الدلالة في أن علة التغيير والتبديل للجلود ليذوقوا المزيد من العذاب الأليم، فدل ذلك على أن أكثر أعضاء الجسم غنًى بمستقبلات الألم هو الجلد، كما أن الحروق هي أشد المنبهات الألمية.

وهذا ما عرفه العلم الحديث وقرره، ذلكم أن الجلد غني بالألياف العصبية التي تقوم باستقبال ونقل جميع أنواع الحس؛ لذا فإنه عندما يحقن الإنسان بإبرة فإنه يشعر بذروة الألم عندما تجتاز الإبرة الجلد، ومتى تجاوزت الجلد خف الألم، فظهر من الآية الكريمة أن تجديد الجلود ليستمر ويدوم الشعور بالألم دون انقطاع ويذوقوا العذاب الأليم، أعاذنا اللَّه من عذابه (١).

وقد أثبت العلم الحديث أن الجسيمات الحسية المختصة بالألم والحرارة تكون موجودة في طبقة الجلد وحدها، ومع أن الجلد سيحترق مع ما تحته من العضلات وغيرها إلا أن القرآن لم يذكرها؛ لأن الشعور بالألم تختص به طبقة الجلد وحدها، فمن أخبر محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- بهذه المعلومة الطبية؟ أليس اللَّه -عز وجل-!

وأثبت أهلُ الطِبِّ أيضًا أن الإحساس بألمِ الحريق محصورٌ بالجلد؛ لأن نهايات الأعصابِ المتخصصةِ بالإحساس بالحرارةِ والبرودةِ محصورة بالجلد، ولو ذاب الجلدُ فلن يشعر الإنسانُ في الدنيا بألمِ الحريق، واللَّه تعالى يقولُ في القرآن: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (٥٦)} (النساء: ٥٦). (٢)

ومعلوم عندهم أيضًا أن الجلد تتركز فيه أعصاب الإحساس، فحروق الدرجة الأولى أشد ألمًا من حروق الدرجة الثانية أو الثالثة حيث تضعف أعصاب الإحساس.

وعن الشبكة العصبية في الجلد يتوسع أحد الأطباء في بيان ذلك فيقول:


(١) مقالات موقع الألوكة ١٩، وهذا ما قرره الآلوسي من قبل.
(٢) موسوعة البحوث والمقالات العلمية صـ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>