للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نقل أوريجانوس تقليدًا شائعًا في عهده بأن يسوع كان يستطيع في حياته أن يغير شكله وقتما وكيفما يشاء، ويقول إن هذا كان السبب في ضرورة قلبه يهوذا الخائن؛ وإلا فإن المسيح كان معروفًا لدى عموم أهل أورشليم. (١)

٣ - وقد استمر إنكار صلب المسيح، فكان من المنكرين الراهب تيودورس (٥٦٠ م) والأسقف يوحنا ابن حاكم قبرص (٦١٠ م) وغيرهم.

ولعل أهم هذه الفرق المنكرة لصلب المسيح الباسيليديون؛ الذين نقل عنهم سيوس في "عقيدة المسلمين في بعض مسائل النصرانية" والمفسر جورج سايل القول بنجاة المسيح، وأن المصلوب هو سمعان القيرواني، وسماه بعضهم سيمون السيرناي، ولعل الاسمين لواحد.

وهذه الفرقة كانت تقول أيضًا ببشرية المسيح، يقول باسيليوس الباسليدي: "إن نفس حادثة القيامة المدعى بها بعد الصلب الموهوم هي من ضمن البراهين الدالة على عدم حصول الصلب على ذات المسيح".

ولعل هؤلاء المنكرين لصلب المسيح قديمًا هم الذين عناهم جرجي زيدان حين قال: "الخياليون يقولون: إن المسيح لم يصلب، وإنما صلب رجل آخر مكانه". (٢)

ومن هذه الفرق التي قالت بصلب غير المسيح بدلًا عنه: الكورنثيون والكربوكراتيون والسيرنثيون. يقول جورج سايل: إن السيرنثيين والكربوكراتيين، وهما من أقدم فرق النصارى، قالوا: إن المسيح نفسه لم يصلب ولم يقتل، وإنما صلب واحد من تلاميذه، يشبهه شبهًا تامًا، وهناك الباسيليديون يعتقدون أن شخصًا آخر صلب بدلًا من المسيح.

وثمة فِرق نصرانية قالت بأن المسيح نجا من الصلب، وأنه رفع إلى السماء، ومنهم الروسيتية والمرسيونية والفلنطنيائية. وهذه الفرق الثلاث تعتقد ألوهية المسيح، ويرون القول بصلب المسيح وإهانته لا يلائم البنوة والإلهية. (٣)


(١) انظر: دائرة المعارف الكتابية (مادة أبو كريفا).
(٢) أقانيم النصارى، أحمد حجازي السقا (٧٥)، الفارق بين المخلوق والخالق، عبد الرحمن باجي (٤٦٥ - ٤٦٦).
(٣) انظر: الفارق بين المخلوق والخالق، عبد الرحمن باجي (٤٦٥)، قصص الأنبياء، عبد الوهاب النجار (٥٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>