للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح أن التوراة والإنجيل لا يحصل الثقة بهما، فلا يصح الاستدلال بهما لكونهما غير متواترين وقابلين للتغير. وقد دللنا على بعض ما وقع فيهما من ذلك. وإذا جاز مثل ذلك في هذين الكتابين، مع كونهما أشهر ما عندهم وأعظم عمدهم ومستند ديانتهم فما ظنك بغير ذلك من سائر الكتب التي يستدلون بها مما ليس مشهورًا مثلهما ولا منسوبًا إلى الله نسبتهما؟ فعلى هذا هو أولى بعدم التواتر وبقبول التحريف منهما) (١).

٣ - قال العلامة "أبو عبيدة الخزرجى" في رسالته إلى القسيس "حنا مقار العيسوي" بعد أن بيَّن له تضارب الأناجيل وما اشتملت عليه من تناقض: (وأقتصر على هذا من تهافت أناجيلكم، وما اشتملت عليه من الزلل والأباطيل. ومن طالع كتبكم (يعني كتب العهد القديم)، وأناجيلكم وجد فيها من العجائب ما يقضي له بأن شرائعكم وأحكامكم ونقولكم قد تفرقت تفرق أهل سبأ، وأنكم لا تلزمون مذهبًا، وليس هذا بغريب فأناجيلكم ما هي إلا حكايات، وتواريخ، وكلام كهنة، وتلاميذ وغيرهم حتى أني أحلف بالله الذي لا إله إلا هو، أن تاريخ الطبري عندنا أصح نقلًا من الإنجيل، ويعتمد عليه العاقل أكثر، مع أن التاريخ عندنا لا يجوز أن ينبني عليه شيء من أمر الدين، وإنما هو فكاهات في المجالس). (٢)

٤ - قال شهاب الدين القرافى المالكي في شأن توراة العهد القديم: (نقول: التوراة مبدلة قطعًا، لما تقدم بيانه مما اشتملت عليه من نسبة الأنبياء عليهم السلام وخاصة عباد الله إلى الفسوق والزنا وشرب الخمر، وما يصدر من أدنى السفلة، حتى أنهم يسمون هذه الحكايات النجاسات، مع قيام الأدلة على عصمة الأنبياء، فيحصل الجزم بعدم صحة هذه التوراة). (٣)

وقال في شأن الأناجيل: (ونحن ننازعهم في أن ما بين أيديهم -من الكتب- منزلة، بل هي مبدلة مغيرة في غاية الوهن والضعف، وسقم الحفظ والرواية والسند بحيث لا


(١) المصدر السابق ص ٢١١ - ٢١٢.
(٢) بين الإسلام والمسيحية ص ١٤٩.
(٣) الأجوبة الفاخرة على الأسئلة الفاجرة ص ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>