وقال تعالى:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}(النساء: ١٣٦)، ومن شعب الإيمان: الإيمان برسل الله -عَزَّ وَجَلَّ- صلى الله عليهم أجمعين وسلم لقوله تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}(البقرة: ٢٨٥).
ولذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في سؤال جبريل - عَلَيْهِ السَّلَام - له عن الإيمان:"الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلَاِئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ". (١)
ويجب الإيمان بجميع الرسل، والكفر برسول واحد هو كفرٌ بجميع الرسل، قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)} (الشعراء: ١٠٥). وقال تعالى:({كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣)} [الشعراء: ١٢٣]. وقال تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (١٤١)} (الشعراء: ١٤١). وقال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠)} (الشعراء: ١٦٠).
ومن هاهنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به وتصديقه فيما أخبر به وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا ينال رضا الله البتة إلا على أيديهم، فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم وما جاءوا به، فهم الميزان الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال، فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها، فأي ضرورة وحاجة فرضت فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير، وما ظنك بمن إذا غاب عنك هديه وما جاء به طرفة عين فسد قلبك وصار كالحوت إذا فارق الماء ووضع في المقلاة، فحال العبد عند مفارقة قلبه لما جاء به الرسل كهذه الحال بل أعظم ولكن لا يحس بهذا إلا قلب حي.
وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلَّقة بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيجب على كل من نصح