حكم الأكل من الزروع والثمار التي على جانب الطرق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأكل من الأموال العامة مثل الشجر المزروع على جانب الطرقات كملك للحكومة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في الأكل من الشجر المزروع على جانب الطرقات؛ لأنه ملك لعامة المسلمين، وتركه دون حائط أو حراسة دليل على الإذن وإباحة الأكل منه.
وقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم لمن مر بثمر بستان أن يأكل منه، دون أن يتخذ خبنة، أي لا يحمل منه في ثوبه، وهذا في الثمار المملوكة، فما كان لبيت المال فهو أولى بالجواز.
روى الترمذي (١٢٨٧) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فَلْيَأْكُلْ وَلا يَتَّخِذْ خُبْنَةً) ورواه ابن ماجه (٢٣٠١) بلفظ: (إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ بِحَائِطٍ فَلْيَأْكُلْ وَلا يَتَّخِذْ خُبْنَةً) والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي وابن ماجه.
وروى ابن ماجه (٢٣٠٠) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا أَتَيْتَ عَلَى رَاعٍ فَنَادِهِ ثَلاثَ مِرَارٍ فَإِنْ أَجَابَكَ وَإِلا فَاشْرَبْ فِي غَيْرِ أَنْ تُفْسِدَ، وَإِذَا أَتَيْتَ عَلَى حَائِطِ بُسْتَانٍ فَنَادِ صَاحِبَ الْبُسْتَانِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنْ أَجَابَكَ وَإِلا فَكُلْ فِي أَنْ لا تُفْسِدَ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
فدلت هذه الأحاديث على جواز أن يأكل الإنسان من ثمر غيره، دون أن يحمل معه، بشرط أن ينادي صاحبه أولا ثلاثا، فإن أجابه استأذنه، وإن لم يجبه أكل.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٩/٣٣٢) : " قال أحمد: إذا لم يكن عليها حائط , يأكل إذا كان جائعا , وإذا لم يكن جائعا , فلا يأكل. وقال: قد فعله غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكن إذا كان عليه حائط , لم يأكل ; لأنه قد صار شبه الحريم ... وروي عن أبي زينب التيمي , قال: سافرت مع أنس بن مالك وعبد الرحمن بن سمرة وأبي بردة , فكانوا يمرون بالثمار , فيأكلون في أفواههم. وهو قول عمر وابن عباس وأبي بردة. قال عمر: يأكل , ولا يتخذ خبنة. وروي عن أحمد أنه قال: يأكل مما تحت الشجر , وإذا لم يكن تحت الشجر فلا يأكل ثمار الناس , وهو غني عنه. ولا يضرب بحجر , ولا يرمي ; لأن هذا يفسد......
فإن كانت محوطة , لم يجز الدخول إليها ; لقول ابن عباس: إن كان عليها حائط فهو حريم , فلا تأكل , وإن لم يكن عليها حائط , فلا بأس. ولأن إحرازه بالحائط يدل على شح صاحبه به , وعدم المسامحة فيه " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " اشتراط الحائط فيه نظر؛ لأن ألفاظ الحديث: (من دخل حائطا) والحائط هو الذي يحيط بالشيء، وعلى هذا لا فرق بين النخل الذي ليس عليه حائط وبين الشجر الذي عليه حائط، فالذي تبين من السنة أن الشرط هو أن يأكل دون حمل، وألا يرمي الشجر، بل يأخذ بيده، أو إذا كان ساقطا في الأرض. وأيضا يشترط أن ينادي صاحبه ثلاثا، إن أجابه استأذنه، فإن لم يجبه أكل، هذا الذي دل عليه الحديث، وهو مما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله. وذهب الجمهور إلى أن ذلك ليس بجائز وحملوا الأحاديث على أول الإسلام، أو أول الهجرة، حين كان الناس فقراء محتاجين، وأما مع عدم الحاجة فلا يجوز، ولكن الصحيح أنه عام " انتهى من "الشرح الممتع" (٦/٣٣٩) .
والحاصل أنه لا حرج في الأكل من الزروع والثمار الموجودة على الطرق، والتي لا ملك فيها لأحد، وكذلك الأكل من البساتين المملوكة، بالشروط المتقدمة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب