المسبوق إذا أدرك التشهد الأول هل يرفع يديه إذا قام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت الصلاة على التشهد الأول مع الإمام، هل أرفع يدي للتكبير عند القيام من التشهد الأول؟ وسوف أجلس مع الإمام التشهد الأخير ويعتبر لي التشهد الأول، هل أرفع يدي مرة أخرى؟ مع العلم الصلاة رباعية. ولو أدركت ركعة واحدة فقط وجلست مع الإمام التشهد الأخير هل إذا قمت أرفع يدي أو أنتظر أن آتي بالتشهد الأول؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ثبت رفع اليدين في الصلاة في أربعة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع والرفع منه، وبعد القيام من الركعة الثانية.
وقد روى البخاري (٧٣٩) عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما (كَانَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
ثانياً:
ما يدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته على الراجح؛ وهو مذهب الشافعي رحمه الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا سَمِعْتُمْ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى الصَّلاةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَلا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا) البخاري (٦٣٦) ومسلم (٦٠٢) . ومعنى "أتموا": أكملوا.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (٤/١١٨) : "قد ذكرنا أن مذهبنا أن ما أدركه المسبوق أول صلاته، وما يتداركه آخرها، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء وعمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وإسحاق , حكاه عنهم ابن المنذر قال: وبه أقول , قال: وروي عن عمر وعلي وأبي الدرداء ولا يثبت عنهم , وهو رواية عن مالك وبه قال داود.
وقال أبو حنيفة ومالك والثوري وأحمد: ما أدركه آخر صلاته، وما يتداركه أول صلاته. وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر ومجاهد وابن سيرين , واحتج لهم بقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا) رواه البخاري ومسلم.
واحتج أصحابنا بقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) رواه
البخاري ومسلم من طرق كثيرة.
قال البيهقي: الذين رووا "فأتموا" أكثر وأحفظ وألزم لأبي هريرة الذي هو راوي الحديث , فهم أولى.
قال الشيخ أبو حامد والماوردي: وإتمام الشيء لا يكون إلا بعد تقدم أوله وبقية آخره , وروى البيهقي مثل مذهبنا عن عمر بن الخطاب وعلي وأبي الدرداء وابن المسيب وحسن وعطاء وابن سيرين وأبي قلابة رضي الله عنهم.
فأما رواية فاقضوا فجوابها من وجهين:
أحدهما: أن رواة (فأتموا) أكثر وأحفظ.
والثاني: أن القضاء محمول على الفعل لا القضاء المعروف في الاصطلاح ; لأن هذا اصطلاح متأخري الفقهاء , والعرب تطلق القضاء بمعنى الفعل , قال الله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ) (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ) .
قال الشيخ أبو حامد: والمراد: وما فاتكم من صلاتكم أنتم لا من صلاة الإمام، والذي فات المأموم من صلاة نفسه إنما هو آخرها , والله أعلم " انتهى.
وعلى هذا؛ فلو أدركت التشهد الأول مع الإمام في الصلاة الرباعية، فإن الركعة الثالثة للإمام تكون هي الأولى بالنسبة لك، وإذا سلم الإمام قمت لإتمام صلاتك، وتكون الركعة التي قمت إليها هي الركعة الثالثة.
وإذا أدركت الركعة الأخيرة مع الإمام، فإنه إذا سلم قمت للركعة الثانية.
وفي كل هذه المواضع، هل ستحب لك رفع اليدين أم لا؟
أما قيامك بعد سلام الإمام إلى الركعة الثالثة لإتمام صلاتك، فلا إشكال هنا في رفع اليدين، لأن هذا من مواضع رفع اليدين، كما سبق في حديث ابن عمر.
وأما ما عدا ذلك، فقد اختلف العلماء في استحباب رفع اليدين، بناءً على اختلافهم في علة رفع اليدين إذا قام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة.
فذهب بعض العلماء إلى أن العلة هي القيام إلى الركعة الثالثة، فقال هؤلاء في المسبوق: لا يرفع يديه إلا إذا قام إلى الركعة الثالثة.
وذهب آخرون إلى أن العلة هي القيام من التشهد، فقال هؤلاء في المسبوق: متى قام من التشهد فإنه يرفع يديه، ولو لم يكن قائماً إلى الركعة الثالثة، وقد اختار هذا القول الأخير الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
وانظر جواب السؤال رقم (٢١٥٠٦) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب