للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زوجها مريض نفسيّاً ويؤذي زوجته فكيف تتصرف معه؟ وهل له حقوق؟

[السُّؤَالُ]

ـ[امرأة تسأل عن حق زوجها، حيث إن زوجها مريض نفسيّاً، ومختل، وهو لا يتدخل في أمور الحياة المنزلية، ودائماً يتهمها بالإثم، وهي بعيدةٌ عنه، وهو أب لـ ١٠ أفراد، تزوج أولاده من دون معاونته لهم، مما يؤدي ذلك لانفعال زوجته من هذا الأمر، ولا تطيقه في الكلام معه. راجين منكم حكم الشرع في هذا الأمر؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

نسأل الله تعالى أن يشفي زوجك عاجلاً غير آجل، ونسأل الله أن يُعظم لك الأجر على صبرك وتحملك، وهذه المصيبة التي ابتلاكم الله تعالى بها تؤجرون عليها لو أنكم صبرتم واحتسبتم الأجر عليها.

عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) . رواه مسلم (٢٩٩٩) .

وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذى وَلَا غمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةَ يُشَاكَها إِلَاّ كفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاه ". رواه البخاري (٥٣١٨) ومسلم (٢٥٧٣) .

ثانياً:

مرض زوجكِ إما أن يكون معه مُدرِكاً لأفعاله وتصرفاته، أو لا يكون مُدرِكاً، فإن كان مدركاً: فهو مؤاخذ بما يقول، وبما يفعل، ولا يحل له قذفك، ولا التخلي عن تربية أولاده، ويجب عليه القيام بما أوجبه الله تعالى عليه من الطاعات، وعدم فعل ما نهاه الله تعالى عن فعله.

وفي هذه الحال يجب عليكِ أداء حقوقه الزوجية، ولا يحل لك التهاون بها.

وإن كان مرضه لا يُدرِك معه تصرفاته وأفعاله: فقد سقط عنه التكليف، ولا يؤاخذ بما يقول، ولا بما يفعل، إلا إن تعلق فعله بحق غيره، فلصاحب الحق أن يأخذ حقه من مال زوجك، أو من أوليائه، كما لو تعدى على غيره بالقتل، أو حطَّم له سيارته، أو ما يشبه ذلك من الأفعال.

عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رُفِعَ القَلَمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يستيقظَ، وعَن الصبِيِّ حَتى يَحتلمَ، وعَن المجنونِ حتى يَعْقل - أو يفيق -) .

رواه أبو داود (٤٣٩٨) والنسائي (٣٤٣٢) وابن ماجه (٢٠٤١) .

وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

قال ابن حزم – رحمه الله -:

وأما من لم يبلغ , أو بلغ وهو لا يميز، ولا يعقل، أو ذهب تمييزه بعد أن بلغ مميزاً: فهؤلاء غير مخاطَبين، ولا ينفذ لهم أمر في شيءٍ من مالهم؛ لما ذكرنا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاث , - فذكر: - الصبي حتى يبلغ , والمجنون حتى يبرأ) .

" المحلى " (٧ / ٢٠٠) .

وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:

وأما العاقل فضده: المجنون الذي لا عقل له، ومنه الرجل الكبير، أو المرأة الكبيرة إذا بلغ به الكبر إلى حد: فقد التمييز، وهو ما يًعرف عندنا بـ " المهذري ": فإنه لا تجب عليه الصلاة حينئذ لعدم وجود العقل في حقه.

" مجموع الفتاوى " (١٢ / السؤال الأول) .

وينظر كلام أهل العلم في تصرفاته وأثرها في جواب السؤال رقم (٧٣٤١٢) .

وبالنسبة لاتهامك بالإثم: فإن كنتِ تعنين " الزنا ": ففي حاله الثانية: لا يقع منه قذف؛ لتخلف شرط مهم وهو العقل، ومثله – أيضاً – لا يمكن أن يلاعن.

وفي " الموسوعة الفقهية " (٣٣ / ١١) :

اتّفق الفقهاء على أنّه يشترط في القاذف: البلوغ والعقل والاختيار، وسواء أكان ذكراً أم أنثى، حرّاً أو عبداً، مسلماً أو غير مسلم.

انتهى

والخلاصة:

إما أن تتحملي ما يجري منه إن كان غير مدرك لتصرفاته وأفعاله بسبب مرضه واختلال عقله، وإما أن ترفعي أمرك للقضاء الشرعي ليحكم القاضي بأهليته للبقاء لك زوجاً، أو يحكم بفسخ النكاح.

وإن كان مدرِكاً لتصرفاته: فإما أن تتحملي ما يجري منه، وإما أن تطلبي منه الطلاق، فإن أبى: فترفعين أمرك للقضاء الشرعي ليفصل بينكما.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>