للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بنت زنى تقول أنا بنت من؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا طفلة غير شرعية، وقد تزوج والداي وكان عمري ١٠ أشهر وقد تطلقا قبل سنتين، استعملت اسم والدي منذ أن ولدت وهو معترف بأبوته لي. هل أغير أسمى إلى اسم والدتي؟

قرأت الأجوبة في موقعكم وهي تقول بأنني يجب أن أستعمل اسم والدتي، ولكن هناك جواب للشيخ ابن جبرين يقول العكس ورقم السؤال ٥٩٦٧ وقد ذكر بأن الوالد إذا اعترف بالأبوة فيجوز التسمي باسم الأب، فأرجو التوضيح.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً: نؤكد على أن "ولد الزنا" لا علاقة له بجريمة والديه، وأن له كامل الحقوق التي للمسلمين ذكرا كان أو أنثى، وأن عليه أن يتقي الله تعالى ليكون من أهل جنته ورضوانه.

ثانياً: اختلف العلماء في استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشا على قولين، هل يلحق به أولا.

وبيان ذلك: أن المرأة إذا كانت فراشا، أي متزوجة، وأتت بولد بعد ستة أشهر من زواجها، فإنه ينسب إلى الزوج، ولا ينتفي عنه إلا بملاعنته لزوجته. ولو ادعى رجل أنه زنى بالمرأة وأن هذا ابنه من الزنا، لم يلتفت إليه بالإجماع، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الولد للفراش وللعاهر الحجر" رواه البخاري (٢٠٥٣) ومسلم (١٤٥٧) .

قال ابن قدامة: (وأجمعوا على أنه إذا ولد على فراش رجل , فادعاه آخر. أنه لا يلحقه , وإنما الخلاف فيما إذا ولد على غير فراش) .

فإذا لم تكن المرأة فراشا (زوجة) ، وجاءت بولد من زنا، فادعاه الزاني، فهل ينسب إليه؟

ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا ينسب إليه.

ونقل عن الحسن وابن سيرين وعروة والنخعي وإسحاق وسليمان بن يسار، أنه ينسب إليه.

واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

ونقله ابن قدامة رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله، قال: (وروى علي بن عاصم , عن أبي حنيفة , أنه قال: لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه , أن يتزوجها مع حملها , ويستر عليها , والولد ولد له) المغني ٩/١٢٢

وقال ابن مفلح رحمه الله: واختار شيخنا [ابن تيمية] أنه إن استلحق ولده من زنا ولا فراش لحقه اهـ. الفروع ٦/٦٢٥

وقال ابن قدامة رحمه الله: (وولد الزنى لا يلحق الزاني في قول الجمهور وقال الحسن , وابن سيرين: يلحق الواطئ إذا أقيم عليه الحد ويرثه. وقال إبراهيم: يلحقه إذا جلد الحد , أو ملك الموطوءة. وقال إسحاق: يلحقه. وذكر عن عروة , وسليمان بن يسار نحوه) .

وقال شيخ الإسلام: (وأيضا ففي استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشا قولان لأهل العلم , والنبي صلى الله عليه وسلم قال: " الولد للفراش , وللعاهر الحجر " فجعل الولد للفراش ; دون العاهر. فإذا لم تكن المرأة فراشا لم يتناوله الحديث , وعمر ألحق أولادا ولدوا في الجاهلية بآبائهم , وليس هذا موضع بسط هذه المسألة) الفتاوى الكبرى ٣/١٧٨

وقد استدل جمهور العلماء على عدم لحوق ولد الزنى بالزاني بما رواه أحمد (٧٠٠٢) وأبو داود (٢٢٦٥) وابن ماجه (٢٧٤٦) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَضَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا، أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنَّهُ لا يَلْحَقُ بِهِ وَلا يَرِثُ وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ فَهُوَ وَلَدُ زِنْيَةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ.

والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود، وحسنه الأرناؤوط في تحقيق المسند. واستدل به ابن مفلح لمذهب الجمهور.

فقضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ولد الزنى لا يلحق بالزاني ولا يرثه، حتى لو ادعاه الزاني.

ولاشك أن إلحاق الولد بشخص ما، أمر عظيم يترتب عليه أحكام كثيرة، من الإرث، والمحرمية له ولأقاربه.

والحاصل أن الفتاوى التي صرحت بانتفاء نسب ولد الزنا من الزاني، موافقة لما عليه جمهور العلماء.

وأما الشيخ ابن جبرين حفظه الله، فلعله بنى كلامه على القول الآخر الذي ذكرنا أصحابه فيما سبق.

وبناء على قول الجمهور، فإن ولد الزنا – ذكرا كان أو أنثى – لا ينسب إلى الزاني، ولا يقال إنه ولده، وإنما ينسب إلى أمه، وهو محرم لها، ويرثها كبقية أبنائها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله (وأما الولد الذي يحصل من الزنا، يكون ولدا لأمه، وليس ولدا لأبيه؛ لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " الولد للفراش وللعاهر الحجر " العاهر: الزاني، يعني ليس له ولد. هذا معنى الحديث. ولو تزوجها بعد التوبة فإن الولد المخلوق من الماء الأول لا يكون ولدا له، ولا يرث من هذا الذي حصل منه الزنا ولو ادعى أنه ابنه، لأنه ليس ولدا شرعيا) انتهى، نقلا عن: فتاوى إسلامية ٣/٣٧٠

وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله (١١/١٤٦) : الولد المخلوق من ماء الزاني لا يسمى ولدا للزاني اهـ.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>