لا تعارض بين إنجاء الله تعالى أهل نوح عليه السلام وإغراق ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الله عز وجل في سورة الأنبياء عن نوح عليه السلام: (فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم) ويقول جل وعلا في سورة " الصافات ": (وجعلنا ذريته هم الباقين) ، ولكن يقول الله عن ابن نوح في سورة هود: (فحال بينهما الموج فكان من المغرقين) فكيف يمكن الجمع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الله تعالى: (وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ. وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ) الأنبياء/٧٦-٧٧.
وقد فسر العلماء قوله تعالى: (فنجيناه وأهله) بأن معنى الأهل ههنا هم جميع أتباع نوح عليه السلام الذين آمنوا به، سواء كانوا من قرابته أو لا.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
" (وأهله) أي: الذين آمنوا به كما قال: (وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ) هود/٤٠" انتهى.
"تفسير القرآن العظيم" (٥/٣٥٤) .
وقال أبو بكر الجصاص رحمه الله:
" الأهل: اسم يقع على الزوجة، وعلى جميع من يشتمل عليه منزله، وعلى أتباع الرجل وأشياعه , قال الله تعالى: (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ) العنكبوت/٣٣، فكان ذلك على جميع أهل منزله من أولاده وغيرهم , وقال: (فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ) الشعراء/١٧٠، ويقع على من اتبعه في دينه كقوله: (وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) الأنبياء/٧٦، فسمى أتباعه في دينه أهله ; وقال في ابنه: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) هود/٤٦، فاسم الأهل يقع على معاني مختلفة" انتهى.
"أحكام القرآن" (٢/٢٨٦) .
ويحتمل أن يكون المراد من أهله هنا أقاربه وزوجته، ولكن يستثنى منهم من دل القرآن على استثنائه، وأنه ليس من الناجين، بل من الهالكين، وقد دل القرآن على استثناء ابنه وامرأته.
قال العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله:
"قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: (فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ) يعني إلا من سبق عليه القول من أهله بالهلاك مع الكفرة الهالكين، كما قال تعالى: (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَاّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) ، ومن سبق عليه القول منهم: ابنه المذكور في قوله: (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ) ، وامرأته المذكورة في قوله: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَةَ نُوحٍ) إلى قوله: (ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَاخِلِينَ) " انتهى.
"أضواء البيان" (٤/١٦٩) .
وعلى هذا فليس بين الآيات تعارض بوجه من الوجوه.
ولمزيد الفائدة انظر جواب السؤال رقم: (١٠٤٧٠) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب