للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يؤجر المسلم على استماعه دروس العلم المسجلة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أستَمِعُ كثيرا لأشرطتكم حفظكم الله، وأشرطة المُحَدِّث الشيخ الألباني رحمه الله والإمامين الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله، واستفيد كثيرا، فهل أُجزى يا شيخ على سماعي هذا؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لِلَّه

طلب العلم من أفضل الأعمال، وهو خير ما يقضي به الإنسان عمره، وخير طريق يسلكه المسلم إلى الجنة.

قال ابن مسعود رضي الله عنه:

(الدراسة صلاة) "جامع بيان العلم" (١/١٠٤)

ويقول سفيان الثوري:

(ليس عمل بعد الفرائض أفضل من طلب العلم) "حلية الأولياء" (٦/٣٦١)

وقال الزهري رحمه الله:

(ما عُبِدَ اللَّهُ بمثل الفقه) "جامع بيان العلم" (١/١١٩)

وعن عبد الله بن وهب قال: كنت عند مالك بن أنس، فجاءت صلاة الظهر أو العصر وأنا أقرأ عليه، وأنظر في العلم بين يديه، فجمعت كتبي وقمت لأركع، فقال لي مالك: ما هذا؟ قلت: أقوم للصلاة. قال: إن هذا لعجب، فما الذي قمت إليه بأفضل من الذي كنت فيه، إذا صحت النية فيه. "جامع بيان العلم" (١٢٢)

ولا شك أن استماع دروس العلماء الحاضرة والمسجلة من أهم وسائل تحصيل العلم، وقد يسر الله لنا – بحمد الله - في هذه العصور وسائل كثيرة للاستفادة مما يلقيه العلماء في دروسهم، ومن ذلك الدروس المسجلة في أشرطة التسجيل وبرامج التسجيل، وفي الاهتمام بهذه الدروس المسجلة عدة فوائد:

١- تربية الطالب على الاستماع والإنصات، وهو أدب رفيع، وخلق عظيم، أن يعتاد طالب العلم على تلقي العلم والاستفادة من المتحدث، وقطع الطمع عن تصدر الحديث.

يقول سفيان الثوري كما في "روضة العقلاء" بسنده (٣٤) :

(أول العلم الإنصات، ثم الاستماع، ثم الحفظ، ثم العمل به، ثم النشر)

٢- إمكان مراجعة كلام العالم إذا لم يفهمه الطالب من المرة الأولى، إذ قد يشكل على الطالب بعض الحديث، فإذا أعاده وسمعه مرة أخرى اتضح له وجه الكلام.

٣- تيسر تدوين الفوائد والتحكم في ذلك.

٤- اختصار المسافات الطوال على طلاب العلم الذين قد لا يتيسر لهم السفر للتلقي عن العلماء مباشرة، وقد أصبحت المكتبة الصوتية الإسلامية اليوم تزخر بمئات الشروح والدروس العلمية المفيدة، التي تختصر على الطالب عمرا وجهدا ومالا.

٥- إمكان اصطحاب هذه الدروس والاستماع إليها في أحوال مختلفة: أثناء الطريق في السيارة، أو أثناء العمل ونحوه، وفي ذلك استغلال للوقت، وملء لأوقات الفراغ العارضة.

وهذه الفوائد والمزايا لا تعني أبدا الاستغناء عن حضور مجالس العلم والتلقي عن العلماء مباشرة، فإن لكل وسيلة فوائدها ومزاياها، وطالب العلم الناجح هو الذي يحسن استغلال الفرص، ويعرف كيف يأخذ من رحيق جميع أزهار البستان.

كما نرجو أن يكتب الله سبحانه وتعالى بفضله وكرمه لكل من يستمع الدروس المسجلة الأجر، وأن ينزل عليه السكينة، ويشمله الله برحمته، كما في الحديث الشريف المشهور:

(وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ) رواه مسلم (٢٦٩٩)

انظر جواب السؤال رقم (١٨١٣) ، (٢٢٣٣٠)

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>