حقيقة الإيمان بالكتب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الإيمان بالكتب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وبعد: فالإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول: التصديق الجازم بأن جميعها منزَّل من عند الله، وأن الله تكلم بها حقيقة فمنها المسموع منه تعالى من وراء حجاب بدون واسطة الرسول الملكي، ومنها ما بلغه الرسول الملكي إلى الرسول البشري، ومنها ما كتبه الله تعالى بيده كما قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) الشورى/٥١ وقال تعالى: (وكلم الله موسى تكليما) النساء/١٦٤
وقال تعالى في شأن التوراة: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) الأعراف/١٤٥.
الثاني: ما ذكره الله من هذه الكتب تفصيلا وجب الإيمان به تفصيلا وهي الكتب التي سماها الله في القرآن وهي (القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى) .
وما ذكر منها إجمالا وجب علينا الإيمان به إجمالا فنقول فيه ما أمر الله به رسوله: (وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب) الشورى/١٥.
الثالث: تصديق ما صح من أخبارها، كأخبار القرآن، وأخبار ما لم يُبَدل أو يُحَرف من الكتب السابقة.
الرابع: الإيمان بأن الله أنزل القرآن حاكما على هذه الكتب ومصدقا لها كما قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) المائدة/٤٨، قال أهل التفسير: مهيمنا: مؤتمنا وشاهدا على ما قبله من الكتب، ومصدقا لها يعني: يصدق ما فيها من الصحيح، وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير، ويحكم عليها بنسخ ـ أي رفع وإزالة ـ أحكام سابقة، أو تقرير وتشريع أحكام جديدة؛ ولهذا يخضع له كل متمسك بالكتب المتقدمة ممن لم ينقلب على عقبيه كما قال تبارك وتعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُون. وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) القصص/٥٢:٥٣.
- وأن الواجب على جميع الأمة اتباع القرآن ظاهراً وباطناً والتمسك به، والقيام بحقه كما قال تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا) الأنعام/١٥٥
ومعنى التمسك بالكتاب والقيام بحقه: إحلال حلاله، وتحريم حرامه، والانقياد لأوامره والانزجار بزوا جره والاعتبار بأمثاله، والاتعاظ بقصصه، والعلم بمحكمه، والتسليم بمتشابهه والوقوف عند حدوده والذب عنه مع حفظه وتلاوته وتدبر آياته والقيام به آناء الليل والنهار، والنصيحة له بكل معانيها، والدعوة إلى ذلك على بصيرة.
وهذا الإيمان يثمر للعبد ثمرات جليلة أهمها:
١- العلم بعناية الله بعباده حيث أنزل لكل قوم كتابا يهديهم به.
٢- العلم بحكمة الله تعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم كما قال الله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا)
٣- القيام بواجب شكر الله على هذه النعمة العظيمة.
٤- أهمية العناية بالقرآن العظيم، بقراءته وتدبره وتفهم معانيه والعمل به. والله أعلم.
انظر (أعلام السنة المنشورة ٩٠ – ٩٣) و (شرح الأصول الثلاثة للشيخ ابن عثيمين ٩١، ٩٢) .
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد