للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما هي اللغة التي سيخاطب الناس بها في عالم البرزخ؟

[السُّؤَالُ]

ـ[العديد من اللغات لغات عالمية، فما هي اللغة التي ستسأل بها الملائكة في القبر، والتي يستطيع كل فرد أن يجيب عليها؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

وقفنا في هذه المسألة على أقوال ثلاثة:

القول الأول: أنه يُسأل باللغة السريانية.

قاله البلقيني – كما نقله عنه تلميذه السيوطي في رسالته "شرح الصدور في أحوال الموتى والقبور" – ولم يذكر له أي دليل يمكن الاعتماد عليه.

القول الثاني: يُسأل باللغة العربية.

نص عليه الحافظ ابن حجر رحمه الله: ويمكن الاستدلال له بظواهر الأحاديث الواردة، فقد جاءت تصف ما يكون في البرزخ باللغة العربية، ولا مانع من كونها على الحقيقة، ويلهم الله جميع مَن يُفتن في قبره فهمَ هذه اللغة والجواب بها.

يقول ابن حجر رحمه الله:

" وأما سؤال الملكين فظاهر الحديث الصحيح أنه بالعربي؛ لأن فيه أنهما يقولان له: (ما علمك بهذا الرجل) إلى آخر الحديث، ويحتمل مع ذلك أن يكون خطاب كل أحد بلسانه " انتهى.

"الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع" (ص/١٢٢) .

القول الثالث: يسأل بلغة يفهمها.

ذكره ابن حجر احتمالا كما سبق في كلامه.

وبه تفتي اللجنة الدائمة، والشيخ ابن عثيمين رحمهم الله جميعا.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (٣/٤٥٠) : " إذا مات الإنسان ودفن جاءه ملكان وسألاه عن ربه ونبيه ودينه بلغة يفهمها " انتهى.

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" قال بعض العلماء: يُسأل بالسريانية، سبحان الله! السريانية لغة النصارى، والظاهر - والله أعلم - أن هذا القول مأخوذٌ من النصارى؛ لأجل أن يفتخروا ويقولوا لغتنا لغة السؤال في القبر لكل ميت.

والذي يظهر أنه يُسأل بما يفهم: إن كان من العرب فباللغة العربية، إن كان من غير العرب فبلغته " انتهى.

"شرح العقيدة السفارينية" (ص/٤٣٥) دار الوطن.

والأولى في نظرنا السكوت عن ذلك كله حيث لم يرد فيه نص صحيح، والاشتغال بمثل هذه التفاصيل مما لا منفعة فيه للسائل في أمر دينه ودنياه، ويكفيه من ذلك أن يؤمن أنه يُسأل في قبره، وأن يسأل الله أن يوفقه للعمل بطاعته، وأن يلهمه الجواب، ويثبته عند السؤال.

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله السؤال الآتي:

" بماذا يخاطب الناس يوم البعث؟ وهل يخاطبهم الله تعالى بلسان العرب؟ وهل صح أن لسان أهل النار الفارسية , وأن لسان أهل الجنة العربية؟

فأجاب رحمه الله:

لا يعلم بأي لغة يتكلم الناس يومئذ , ولا بأي لغة يسمعون خطاب الرب جل وعلا؛ لأن الله تعالى لم يخبرنا بشيء من ذلك , ولا رسوله عليه الصلاة والسلام، ولم يصح أن الفارسية لغة الجهَنَّمِيِّين، ولا أن العربية لغة أهل النعيم الأبدي , ولا نعلم نزاعًا في ذلك بين الصحابة رضي الله عنهم، بل كلهم يكفون عن ذلك؛ لأن الكلام في مثل هذا من فضول القول ,.. ولكن حدث في ذلك خلاف بين المتأخرين.

فقال ناس: يتخاطبون بالعربية. وقال آخرون: إلا أهل النار , فإنهم يجيبون بالفارسية , وهي لغتهم في النار. وقال آخرون: يتخاطبون بالسريانية؛ لأنها لغة آدم , وعنها تفرعت اللغات. وقال آخرون: إلا أهل الجنة , فإنهم يتكلمون بالعربية.

وكل هذه الأقوال لا حجة لأربابها , لا من طريق عقل ولا نقل , بل هي دعاوى عارية عن الأدلة , والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم " انتهى.

"مجموع الفتاوى" (٤/٣٠٠) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>