للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا توضأ واستنثر خرج الدم من أنفه فهل يعيد الوضوء؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أعاني من جرح في أنفي، وعندما أتوضأ وأريد الاستنشاق والاستنثار، فإذا استنثرت خرج الدم من أنفي، فهل علي أن أعيد الوضوء؟ مع أن هذا قد شق عليّ.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

خروج الدم من الأنف لا ينقض الوضوء، على الراجح من قولي العلماء.

وهو مذهب مالك والشافعي رحمهما الله، وهو المروي عن عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه ينقض، ولهم تفصيل في ذلك، فالحنابلة يشترطون أن يكون الدم الخارج كثيرا، والكثرة والقلة ترجع إلى تقدير كل إنسان في نفسه.

قال النووي رحمه الله: " ومذهبنا أنه لا ينتقض الوضوء بخروج شيء من غير السبيلين , كدم الحجامة والقيء والرعاف (النزيف من الأنف) سواء قل ذلك أو كثر. وبهذا قال ابن عمر وابن عباس وابن أبي أوفى وجابر وأبو هريرة وعائشة وابن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر والقاسم بن محمد وطاوس وعطاء ومكحول وربيعة ومالك وأبو ثور وداود.

قال البغوي: وهو قول أكثر الصحابة والتابعين.

وقالت طائفة: يجب الوضوء بكل ذلك , وهو مذهب أبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق. . . ثم اختلف هؤلاء في الفرق بين القليل والكثير" انتهى من "المجموع" (٢/٦٢) باختصار.

وقد احتج القائلون بنقض الوضوء بأحاديث ضعيفة، كما قال النووي رحمه الله وغيره. وانظر السؤال رقم (٤٥٦٦٦) .

ودليل القول الراجح، وهو عدم النقض، ما يلي:

١- أن الأصل عدم النقض، فمن ادعى خلاف الأصل فعليه الدليل.

٢- أن طهارته ثبتت بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فلا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي.

انظر: "الشرح الممتع" للشيخ ابن عثيمين (١/١٦٦) .

٣- ما رواه أبو داود (١٩٨) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلا، فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا؟ (أي يحرسنا) . فَانْتَدَبَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: كُونَا بِفَمِ الشِّعْبِ. قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلانِ إِلَى فَمِ الشِّعْبِ اضْطَجَعَ الْمُهَاجِرِيُّ وَقَامَ الأَنْصَارِيُّ يُصَلِّي، وَأَتَى رَجُل من المشركين، فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ، فَنَزَعَهُ، حَتَّى رَمَاهُ بِثَلاثَةِ أَسْهُمٍ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ، ثُمَّ انْتَبَهَ صَاحِبُهُ، وَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالأَنْصَارِيِّ مِنْ الدَّمِ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَلا أَنْبَهْتَنِي أَوَّلَ مَا رَمَى؟ قَالَ: كُنْتَ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا. والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.

وهو واضح الدلالة على أن الدم لا ينقض الوضوء ولو كان كثيرا، لأنه لو كان ينقض لخرج من الصلاة.

قال النووي رحمه الله في المجموع: " وعَلم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولم ينكره ".

وقال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: "وقال الحسن: ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم.

وقال طاوس ومحمد بن علي وعطاء وأهل الحجاز: ليس في الدم وضوء.

وعصر ابن عمر بَثْرة فخرج منها الدم ولم يتوضأ.

وبزق بن أبي أوفى دما فمضى في صلاته.

وقال ابن عمر والحسن فيمن يحتجم: ليس عليه إلا غسل محاجمه " انتهى.

وقال الحافظ في الفتح (١/٢٨١) : " وقد صح أن عمر صلى وجرحه ينبُع دما ".

وهذا كله يدل على أن خروج الدم من غير السبيلين لا ينقض للوضوء.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>