للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل إلقاء السلام من الشخص الموجود على القادم بدعة

[السُّؤَالُ]

ـ[لاحظت أن بعض المسلمين لا يلقون السلام عند وصولهم، لذلك خطر لي أن أبادرهم أنا بإلقاء السلام، وهو خلاف ما يجب أن يكون.

وسؤالي: هل أعد مبتدعا بذلك (إلقائي السلام على الشخص الذي يصل ولا يلقي السلام) ، وهل أعد عاصيا؟

ثانيا: هل ألقي السلام ثانية لشخص وصل للتو إن لم يلق هو السلام.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

السنة أن يسلم الماشي على القاعد، والراكب على الماشي، والصغير على الكبير، والداخل على أهل المكان، لقوله تعالى: (فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً) النور/٦١، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي , وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ , وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ) رواه البخاري (٦٢٣٤) ومسلم (٢١٦٠) ، وفي رواية للبخاري: (والمار على القاعد) .

ومعلوم أن ابتداء السلام سنة مستحبة، وأما الرد فواجب.

وإذا لم يسلّم الداخل، فسلّم من في البيت، أو لم يسلّم الماشي، فسلم القاعد، فلا حرج في ذلك، بل يكون قد فعل الخير، وأتى بسنة السلام، ووجب الرد على الآخر.

قال النووي رحمه الله: " اعلم أن ابتداء السَّلامِ سنَّةٌ مستحبّة ليس بواجب، وهو سنّةٌ على الكفاية، فإن كان المسلِّم جماعة كفى عنهم تسليمُ واحد منهم، ولو سلَّموا كلُّهم كان أفضل ... وأما ردّ السلام: فإن كان المسلَّم عليه واحداً تعيَّنَ عليه الردّ، وإن كانوا جماعةً كان ردّ السلام فرضَ كفايةٍ عليهم، فإن ردّ واحد منهم سقطَ الحرج عن الباقين، وإن تركوه كلُّهم أثموا كلُّهم، وإن ردّوا كلُّهم فهو النهاية في الكمال والفضيلة، كذا قاله أصحابنا، وهو ظاهر حسن " انتهى من "الأذكار" ص (٣٥٦) .

ثم قال رحمه الله: " بابٌ في آدابٍ ومسائلَ من السَّلام، رُوينا في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ على المَاشِي , وَالمَاشِي على القاعِدِ , وَالقَلِيلُ على الكثير) وفي رواية للبخاري: (يُسَلِّمُ الصَّغيرُ على الكَبيرِ , وَالمَاشِي على القاعِدِ , وَالقَلِيلُ على الكَثِير) .

قال أصحابُنا وغيرُهم من العلماء: هذا المذكور هو السنّة، فلو خالفوا فسلَّم الماشي على الراكب، أو الجالس عليهما لم يُكره، صرّح به الإِمام أبو سعد المتولي وغيره. وعلى مقتضى هذا: لا يُكره ابتداء الكثيرين بالسلام على القليل، والكبير على الصغير " انتهى من "الأذكار" ص (٣٦٩) .

ونقل الحافظ ابن حجر عن الْمَازِرِيّ قوله: " لَوْ اِبْتَدَأَ الْمَاشِي فَسَلَّمَ عَلَى الرَّاكِب لَمْ يَمْتَنِع لأَنَّهُ مُمْتَثِل لِلأَمْرِ بِإِظْهَارِ السَّلام وَإِفْشَائِهِ، غَيْر أَنَّ مُرَاعَاة مَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيث أَوْلَى، وَهُوَ خَبَر بِمَعْنَى الأَمْر عَلَى سَبِيل الاسْتِحْبَاب، وَلا يَلْزَم مِنْ تَرْك الْمُسْتَحَبّ الْكَرَاهَة، بَلْ يَكُون خِلاف الأَوْلَى، فَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُور بِالابْتِدَاءِ فَبَدَأَهُ الآخَر كَانَ الْمَأْمُور تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ وَالآخَر فَاعِلا لِلسُّنَّةِ، إِلا إِنْ بَادَرَ فَيَكُون تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ أَيْضًا " انتهى من "فتح الباري" (١١/١٧) .

وقوله: " إلا إن بادر فيكون تاركا للمستحب " أي لا ينبغي لمن في البيت مثلا أن يبادر بالسلام على الداخل، بل يمهله حتى يسلّم هو، فإن ترك السلام سَلَّمَ مَنْ في البيت.

والحاصل: أن إلقاءك السلام على من يدخل عليك ولا يسلّم، ليس بدعة ولا معصية، بل فيه إحياء للسنة، وإشاعة للألفة والمحبة، بشرط ألا تتسرع في ذلك، بل تمهل الداخل حتى يسلم، فإن لم يفعل، ألقيت السلام حينئذ.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>