للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم بيع الملابس التي لا يُدرى هل تستخدم في الحلال أو الحرام؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا عندي محلات لبيع الملابس الرجالية والنسائية في عدة مراكز تجارية، وقد قرأت الحالات التي يحل فيها بيع الملابس النسائية، وهذه الملابس لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله , ولكن كيف للتجار أو الموظف أن يعرف أنها سوف تستخدمه فيما حرم الله؟ حيث يكون البائع في وضع الذي لا يعلم فيما سوف يستخدم؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الملابس النسائية التي يبيعها التجار في محلاتهم لا تخلو من ثلاث حالات:

الأولى:

أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً مباحاً , ولن تستعمل استعمالاً محرماً , فبيع هذه الثياب لا حرج فيه.

الثانية:

أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً محرماً , أي: ستلبسها المرأة وتتزين بها أمام الرجال الأجانب عنها , فبيع هذه الثياب حرام , لقول الله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/٢.

ويمكن للبائع أن يعلم ذلك حسب نوعية الثياب وحال المرأة التي تشتريها.

فهناك بعض الألبسة عُلِمَ من العادة أن المرأة مهما كانت متبرجة لن تلبسها إلا لزوجها , ولا يمكن أن تخرج بها أمام أحد من الرجال الأجانب عنها , وهناك الألبسة التي يغلب على ظن البائع - وقد يتيقن – أن المشترية لها ستستعملها استعمالاً محرماً.

فالواجب على البائع أن يعمل بما علمه أو غلب على ظنه من حال المشترية.

وقد تكون الثياب يمكن استعمالها استعمالاً مباحاً أو استعمالاً محرماً , ولكن التزام النساء بالحجاب، أو إلزام الدولة لهن بذلك يمنع من استعمالهن لها استعمالاً محرماً , فلا حرج في بيعها.

الثالثة:

أن يشك البائع ويتردد هل هذه الثياب ستستعمل استعمالاً مباحاً أم محرماً , لكون الثياب صالحة للاستعمالين , وليس هناك قرائن ترجح أحد الاحتمالين , فبيع هذه الثياب لا حرج فيه , لأن الأصل إباحة البيع وعدم تحريمه , لقول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) البقرة/٢٧٥ , والواجب على من اشتراها أن يستعملها فيما أحل الله , ولا يجوز أن يستعملها استعمالاً محرماً.

وهذه فتاوى لبعض العلماء تؤيد ما سبق:

سئل علماء اللجنة الدائمة:

ما حكم الاتجار في زينة النساء , وبيعها لمن يعلم البائع أنها سترتديه متبرجة به للأجانب في الشوارع كما يرى من حالها أمامه , وكما عمت به البلوى في بعض الأمصار؟

فأجابوا:

" لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان , أما إذا علم أن المشترية ستتزين به لزوجها أو لم يعلم شيئاً فيجوز له الاتجار فيها " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (١٣/٦٧) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً:

ما حكم بيع أدوات التجميل الخاصة بالنساء؟ علماً بأن غالبية من يستعملها من المتبرجات الفاجرات العاصيات لله ورسوله , واللاتي يستخدمن هذه الأشياء في التزين لغير أزواجهن والعياذ بالله؟

فأجابوا:

" إذا كان الأمر كما ذكر فلا يجوز له البيع عليهن إذا كان يعلم حالهن؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان , وقد نهى الله تعالى عنه بقوله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة /٢ " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (١٣/١٠٥) .

وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً:

ما حكم بيع البناطيل الضيقة النسائية بأنواعها , وما يسمى منها بالجنز , والاسترتش , إضافة إلى الأطقم التي تتكون من بناطيل وبلايز , إضافة إلى بيع الجزم النسائية ذات الكعب العالية , إضافة إلى بيع صبغات الشعر بأنواعها وألوانها المختلفة , وخصوصاً ما يخص النساء , إضافة إلى بيع الملابس النسائية الشفافة , أو ما يسمى بالشيفون , إضافة إلى الفساتين النسائية ذات نصف كم , والقصير منها , والتنانير النسائية القصيرة؟

فأجابوا:

" كل ما يستعمل على وجه محرم , أو يغلب على الظن ذلك؛ فإنه يحرم تصنيعه واستيراده , وبيعه وترويجه بين المسلمين , ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم هداهن الله إلى الصواب: من لبس الملابس الشفافة , والضيقة , والقصيرة , ويجمع ذلك كله: إظهار المفاتن والزينة , وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان بلبسه على معصية؛ فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم , ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر , وبيع الرياحين لمن يعلم أنه يستعين بها على الخمر والفاحشة , وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على معصية ".

فالواجب على كل تاجر مسلم تقوى الله عز وجل , والنصح لإخوانه المسلمين , فلا يصنع ولا يبيع إلا ما فيه خير ونفع لهم , ويترك ما فيه شر وضرر عليهم , وفي الحلال غنية عن الحرام , (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * يرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق/٣,٢ , وهذا النصح هو مقتضى الإيمان , قال الله تعاى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) التوبة/٧١ , وقال عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة) , قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) خرجه مسلم في صحيحه , وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة , والنصح لكل مسلم. متفق على صحته. ومراد شيخ الإسلام رحمه الله بقوله فيما تقدم: " ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر. . إلخ " كراهة تحريم , كما يعلم ذلك من فتاواه في مواضع أخرى " انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (١٣/١٠٩) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>