هل تضحي أو تعق عن نفسها لأن أباها لم يعق عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة عمرها ٣٩ تريد أن تضحي، وقيل لها أول شيء عقي عن نفسك، لأن والدها لم يعق عنها، وزوجها لم يعق عن أولادها، عندها بنت وولد؛ هل تعق عن أولادها ونفسها، أم والدهم يعق عنهم، علما أن عمر بنتها خمس عشرة سنة، وولدها ست عشرة سنة، وهل العقيقة واجبة أم تسقط عن المولود إذا بلغ الرشد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
العقيقة سنة مؤكدة على الراجح، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (٢٠٠١٨) ، والمخاطب بها هو الأب، فلا تطالب الأم بها ولا الأولاد.
ولا تسقط العقيقة ببلوغ الولد، فإذا كان الأب قادرا استحب له أن يعق عن أبنائه الذين لم يعق عنهم.
وإذا لم يعق الوالد عن ولده، فهل يشرع للولد أو لغيره أن يعق عن نفسه؟ خلاف بين الفقهاء، والذي يظهر أنه يشرع ذلك ويستحب.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (٩/٣٦٤) : " وإن لم يعق أصلا , فبلغ الغلام , وكسب , فلا عقيقة عليه. وسئل أحمد عن هذه المسألة , فقال: ذلك على الوالد. يعني لا يعق عن نفسه ; لأن السنة في حق غيره.
وقال عطاء والحسن: يعق عن نفسه ; لأنها مشروعة عنه، ولأنه مرتهن بها , فينبغي أن يشرع له فكاك نفسه.
ولنا , أنها مشروعة في حق الوالد , فلا يفعلها غيره , كالأجنبي , وكصدقة الفطر " انتهى.
وقال ابن القيم رحمه الله في "تحفة المودود في أحكام المولود": " الفصل التاسع عشر: حكم من لم يعق عنه أبواه هل يعق عن نفسه إذا بلغ، قال الخلال: باب ما يستحب لمن لم يعق عنه صغيرا أن يعق عن نفسه كبيرا، ثم ذكر من مسائل إسماعيل بن سعيد الشالنجي قال: سألت أحمد عن الرجل يخبره والده أنه لم يعق عنه، هل يعق عن نفسه؟ قال: ذلك على الأب.
ومن مسائل الميموني قال: قلت لأبي عبد الله: إن لم يُعق عنه، هل يَعُق عنه كبيرا؟ فذكر شيئا يروى عن الكبير ضعّفه, ورأيته يستحسن إن لم يعق عنه صغيرا أن يعق عنه كبيرا. وقال: إن فعله إنسان لم أكرهه، قال: وأخبرني عبد الملك في موضع آخر أنه قال لأبي عبد الله: فيعق عنه كبيرا، قال: لم أسمع في الكبير شيئا، قلت: أبوه معسر ثم أيسر فأراد ألا يدع ابنه حتى يعق عنه، قال: لا أدري ولم أسمع في الكبير شيئا، ثم قال لي: ومن فعله فحسن، ومن الناس من يوجبه " انتهى.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله بعد نقل هذا الكلام: " والقول الأول أظهر، وهو أنه يستحب أن يعق عن نفسه؛ لأن العقيقة سنة مؤكدة، وقد تركها والده فشرع له أن يقوم بها إذا استطاع؛ ذلك لعموم الأحاديث ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: (كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى) أخرجه الإمام أحمد، وأصحاب السنن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه بإسناد صحيح، ومنها: حديث أم كرز الكعبية عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمر أن يُعق عن الغلام بشاتين وعن الأنثى شاة أخرجه الخمسة، وخرج الترمذي وصحح مثله عن عائشة , وهذا لم يوجه إلى الأب فيعم الولد والأم وغيرهما من أقارب المولود " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (٢٦/٢٦٦) .
وعلى هذا فيقال للأخت المسئول عنها: لك أن تعقي عن نفسك، أو عن أولادك إذا لم يعق عنهم والدهم.
ثانيا:
الأضحية سنة مؤكدة، تشرع للرجل والمرأة، وتجزئ عن الرجل وأهل بيته، وعن المرأة وأهل بيتها.
فلهذه المرأة أن تذبح أضحية، سواء ذبح زوجها أو لم يذبح.
وإذا ضحّت، أجزأها ذلك عن عقيقتها.
قال ابن القيم رحمه الله: " الفصل الثامن عشر في حكم اجتماع العقيقة والأضحية:
قال الخلال: باب ما روي أن الأضحية تجزىء عن العقيقة:
أخبرنا عبد الملك الميموني أنه قال لأبي عبد الله [أي الإمام أحمد] يجوز أن يضحى عن الصبي مكان العقيقة؟ قال لا أدري ثم قال: غير واحد يقول به. قلت من التابعين؟ قال نعم. وأخبرني عبد الملك في موضع آخر قال ذكر أبو عبد الله أن بعضهم قال فإن ضحى أجزأ عن العقيقة.
وأخبرنا عصمة بن عصام حدثنا حنبل أن أبا عبد الله قال: أرجو أن تجزىء الأضحية عن العقيقة إن شاء الله تعالى لمن لم يعق.
وأخبرني عصمة بن عصام في موضع آخر قال حدثنا حنبل أن أبا عبد الله قال: فإن ضحى عنه أجزأت عنه الضحية من العقوق. قال: ورأيت أبا عبد الله اشترى أضحية ذبحها عنه وعن أهله وكان ابنه عبد الله صغيرا فذبحها، أراه أراد بذلك العقيقة والأضحية وقسم اللحم وأكل منها " انتهى من "تحفة المودود".
وينظر إجابة السؤالين (٣٨١٩٧) و (٢٠٠١٨)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب